هناك بوادر لتأسيس «عادة» طيبة من قبل بعض القطاعات الخاصة من شركات متنوعة، هي «عادة» نتمنى أن نراها في يوم قريب تتأسس في وزارات وقطاعات الدولة، بحيث تصبح ممارسة «واجبة» ولازمة، مع التذكير بأن هذه «العادة» تأسست منذ عقود طويلة في الغرب، وباتت «مطلباً» إلزامياً يجب أن تقوم به جميع القطاعات.
هنا سنوجه لك السؤال عزيزي المواطن، إذ كم مرة ذهبت إلى وزارة حكومية، تصنف على أنها من القطاعات الخدمية لتجري معاملة؟! وبعد الانتهاء والخروج من المبنى، كم مرة وصلتك رسالة نصية أو مكالمة هاتفية أو خطاب عبر البريد يطلب معرفة «رأيك» بشأن الخدمة؟!
في بعض الشركات الخاصة، وبعض مزودي الخدمات مثل الاتصالات، وحتى المحال التجارية المختلفة، تصلك رسائل نصية على الفور، تطلب منك إفادتها بـ«مدى رضاك» عن الخدمة، سعياً لمعرفة نسبة «جودة» خدماتها، بل أحياناً يتم الاتصال بك عبر قسم «خدمات الزبائن» لمعرفة رأيك عبر الحديث المباشر وتسجيل ملاحظاتك.
وكثيراً طبعاً ما تلحظ لدى الاتصال في بعض البنوك والشركات والمحلات أن هناك «رداً آلياً» على الاتصال يفيد بأن «هذه المكالمة سيتم تسجيلها لضمان جودة الخدمة».
في القطاع الخاص والشركات والمحلات وغيرها نجد هذه الثقافة ماضية في الترسخ في عقلية «البائع» قبل «المشتري»، هناك من يهمه اتساع رقعة البيع بالطبع، خاصة وأن التاجر لا يهمه إلا ما بداخل جيب المشتري، لكنه حتى يصل لما في جيبه بسهولة، عليه أن يحقق رضاه، وهذا الرضا لا يتحقق إلا عبر الخدمات الجيدة التي تخلق رضا العميل، لكن الأهم تبني «السمعة».
يفهم ما نقول هنا عديدون، على رأسهم التجار ومن يمثلون بعض «الماركات» و«العلامات التجارية» العالمية، إذ هم يبنون على السمعة التي تحققت على مستوى دولي، والتي لم تتحقق إلا بسبب رضا العميل، والذي عرف بسبب عمليات «قياسه».
حتى أنت كمشترٍ، أو متعامل مع جهة ما، ألا تعتريك حالة من الرضا والسرور حينما ترى أن هناك متابعة من قبل «البائع» أو الجهة التي تعاملت معها، لتعرف رأيك وملاحظاتك بشأن التطوير، وهل لديك انتقادات أو مررت بخبرة سيئة في تجربتك الأخيرة؟!
المنطق يقول بأن هذا النوع من التواصل يخلق حالة من الرضا والارتياح، وحتى إن وجدت ملاحظات سلبية أو تجربة سيئة فإن الوصول للعميل والأخذ في الاعتبار ما يقول ويقترح، ووعده بأن هذا لن يتكرر، وأنه سيتم تعويضه بأداء ومعاملة أفضل في المرات القادمة، ولربما يعطى «هدية» تطييب خاطر، هذا النوع من التواصل يعزز «السمعة»، بل يبنيها ويقويها.
كل ما قلناه معروف على صعيد الشركات الخاصة بمختلف أنواعها، كثيرون يمضون في هذا الاتجاه، وبعض الجهات «أبدعت» بالفعل في تحقيق رضا العميل بنسبة غير متوقعة، وباتت لا تحتاج حتى لصرف مئات الآلاف من الأموال على حملات التسويق والدعاية.
الآن لنسقط كل هذا على قطاعات الدولة، ونظرتك أنت يا مواطن لها، خاصة تلك المعنية بالخدمات والتعامل مع العملاء وتنفيذ طلباتهم من معاملات مختلفة. هل أنت راض عن الأداء؟! هل المعاملة تتم بصورة راقية احترافية؟! هل المعاملة تنجز في وقت مقبول؟! والأهم، هل سألك أحد بعدها من القطاع: ما رأيك في الخبرة التي مررت بها خلال مراجعتك لنا، وهل تحقق طلبك، وكيف كانت المعاملة، وهل لديك أية ملاحظات، بل هل لديك أية انتقادات؟!
لهذا كتبنا قبل أيام عن ضرورة معرفة رأي المواطن في خدمات القطاعات الحكومية، ضرورة قياس «رضاه» بالوصول إليه، واقترحنا من جملة المقترحات أن تفعل خدمات الحكومة الإلكترونية عبر إنشاء وطرح استبيانات لتحديد نسبة رضا المواطن والعميل، سواء عبر صيغ معتمدة قد تكون موجودة أو عبر طريق وأساليب «مبتكرة» تدفع المواطن للتعبير عن رأيه وهو «مستمتع» بأسلوب وطريقة الوصول إليه.
تواصلوا بالناس، واعرفوا رأيهم، وبناء عليه طوروا من عملكم، ابتكروا الجديد، وعالجوا الأخطاء، واهتموا بالملاحظات. إذ يكفي فقط الاستماع لإذاعة البحرين صباحاً وقراءة صفحات بريد القراء في الصحف أو أعمدة الكتاب لتعرفوا نسبة «الاستياء» الكبيرة لدى شريحة عريضة من المواطنين، هذا إن كان يهمنا كقطاعات أن نعرف رأي المواطن أصلاً في أدائنا.