مرر النواب والشوريون موازنة 2015 – 2016، ولم تكن هناك أي تعليقات سطحية ولا عمودية ولا أفقية من أي منهم، ولا توصيات غير «تناتيش» من هذا النائب كي يبرئ ذمته أمام ناخبيه حيث يحاول أن يظهر في صورة البطل المغوار، وكذلك هم الشوريون.
نواب وشوريون لم يتقدموا بأي اقتراح يمكن أن تستغله الدولة في رفع المستوى المعيشي، فهناك إيرادات لو أعيد النظر فيها لكان بالإمكان مساعدة الدولة من تطوير الرعاية الصحية أو بناء مدارس، أوأقلها حلحلة الاقتصاد، وذلك عندما يعاد النظر في القرارات التي أحجم بسببها المستثمرون وطارت منها رؤوس الأموال وتفرق التجار هرباً من معاملات صعبة وتراكم الضرائب، فكل هذه المجالات والأبواب لم يطرقها نائب ولا شوري ولا مستشار ولا خبير مالي.
ولا بد هنا أن نستعرض ما جاء على لسان الشوريين في مسألة الميزانية، وما تطرق إليه أحدهم حين ترك دوره كخبير اقتصادي يستفيد من خبرته المجلس وقفز فجأة إلى موازنة التسليح في مشروع الموازنة، قائلاً: «موازنة التسليح منفصلة ولا تظهر في الموازنة العامة، فهل نحن نمول هذه الجهات بأموال الحكومة أم لا؟ وإن كانت تمول بأموال الحكومة، فإنها تلزم بأن تكون مدرجة في الموازنة العامة»، هذا ما قدر عليه الشوري، يقول «هل نحن نمول؟»؛ لا أنت لا تمول.. الدولة هي من تمول والحكومة تمول وإن استدعت الحاجة أن تمول بإيرادات هيئة سوق العمل.
كما أن الشوريين يعلمون بأن هناك شركات وطنية خاسرة أثرت على اقتصاد الدولة وميزانيتها، وكأن هذه الشركات أصبحت مستشفيات ومدارس على الدولة أن تتحمل دفع رواتب موظفيها الذين يغوصون في الثراء لا ندري كيف ومن أين؟ شركات خسارتها بمئات الملايين ورواتب موظفيها تصل إلى آلاف الدنانير، وقد تكون مكافأة أعضاء مجلس إدارتها بعشرات الآلاف.
ولنكن أكثر صراحة ووضوحاً فالبحرين ليس لها مثيل ولا بديل ولا يمكن المجاملة على أمنها واستقرارها واقتصادها، ومتى ما كانت الصراحة والقبول بالأمر الواقع تسهلت الأمور، أما التحدي والتشبث بالرأي وعدم المراجعة فهي ليست من صفات الاقتصاديين ولا من كفاءة المستشارين، الذين يحاولون إخفاء الحقائق ويقولون الأمور طيبة.. قلصنا الخسارة والأرباح قادمة.. متى قادمة؟ فقط أرباح لا تخرج عن حدود التصريحات على الصحف، وكلها حلول شكلية وترقيعية لا ترقى لحجم المعضلة التي أدت إلى تفاقم خسارة هذه الشركات الوطنية، والتي تملك الحكومة فيها 50%، فهذه هي أحد الأبواب التي كان يجب أن ينظر إليها الاقتصاديون والقانونيون في الشورى، إلا أن أياً منهم لم ينطق ببنت شفة، فقط شطارتهم وجرأتهم على وزارة الدفاع والداخلية، ومداعبة مشاعر المواطنين وتجميل صورتهم، ولم يتطرقوا إلى مشكلة تراجع الاقتصاد، فالاقتصاد ليس بسبب الحالة الأمنية في البحرين، بل بدأت أزمته قبل 2011 بسنوات، بعدما أقر مجلس النواب ضريبة 10 دنانير على العامل الأجنبي دون اكتراث ولا سؤال.
فتصوروا كما قال الشوري نفسه : «بعد هذا الجهد الجهيد تم خفض الموازنة بـ 8 ملايين دينار على مدى سنتين وتم رفع إيرادات الدولة الأخرى بـ 20 مليون دينار من بنك الإسكان، إذاً لماذا لم يفكر الشوري نفسه برفع إيرادات الدولة بـ 65 مليون دينار التي تذهب على معسكرات صيفية ومسابقات نخيل وأصيل، وعلى مؤتمر يوم واحد كلفته 90 ألف دينار ودورة مدتها أربعة أيام كلفتها 105000 دينار.
فهناك خياران بين إلغاء الضريبة على العامل ويتحرر الاقتصاد أو إدراج إيرادات هذه المؤسسة في ميزانية الحكومة، فالحكومة تعيل الشعب الذي هو أولى بهذا الدعم، الذي لا تحتاج بعدها إلى جهد ولا جهيد.