صحيفة «الرأي» الأردنية نشرت قبل أيام خبراً نسبته إلى مصدر مقرب من الأجهزة الأمنية ملخصه أن قوات الأمن الأردنية أحبطت مخططاً لعملية إرهابية كان شخص من فيلق «القدس» الإيراني ينوي تنفيذها وأن الهيئة العسكرية لدى محكمة أمن الدولة ستعقد الاثنين أولى جلساتها لمحاكمة معتقل يحمل الجنسيتين العراقية والنرويجية يواجه تهم حيازة مواد شديدة الانفجار والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضي الأردنية.
أما إيران فاعتبرت في تصريح لوكالة «إرنا» نسبته لمصدر لم تسمه أن هذه «مزاعم فارغة لا أساس لها»، وأن «السياسة الإيرانية المبدئية ترتكز على الاحترام الكامل لأمن واستقرار ووحدة أراضي دول المنطقة»، وأن «إيران لن تدخر جهداً في مواصلة هذه السياسة»، وهو متوقع، فمن غير المعقول أن تعترف إيران بتورط تنظيم تابع لها أو شخص محسوب عليها في مثل هذا العمل المشين، ومن الطبيعي أن تنفي وتحاول أن تظهر نفسها في صورة الحمل الوديع الذي لا يمكن أن يرتكب مثل هذه الأفعال.
موضوع كهذا يقبل الوجهين؛ فقد يكون الخبر غير صحيح ولا يعدو مزاعم فارغة وإثارة صحافية أو عمل له علاقة بجهاز المخابرات تم التركيز عليه للتغطية على خبر أهم أو للاستفادة منه في الحصول على مكاسب سياسية معينة، وقد يكون صحيحاً ودقيقاً والأيام كفيلة بكشف تفاصيله. الأمران واردان، لكن ما لا يمكن تصديقه وليس وارداً أبداً هو القول إن «السياسة الإيرانية ترتكز على احترام أمن واستقرار وسيادة دول المنطقة»، لأن هذا القول بعيد عن الواقع ولا يمكن لأحد في المنطقة برمتها تصديقه، ذلك أن كل ما تمارسه إيران يناقض هذا الادعاء، فالسياسة الإيرانية ترمي إلى زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة، وهذا أمر لا يمكن أن تثبت عكسه مهما حاولت.
يكفي متابعة بعض البرامج التي تقدمها فضائية «العالم» لتأكيد حقيقة السياسة الإيرانية في المنطقة، فما تقدمه هذه السوسة من برامج عن البحرين مثلاً يدفع نحو تأكيد هذه الحقيقة ويفضح هذه السياسة، إذ كيف لدولة تدعي أنها تحترم أمن واستقرار واستقلال وسياسات الدول الأخرى أن تقدم كل هذه البرامج المؤذية وبشكل يومي وكأنها معنية بهذا البلد وما يدور فيه؟
كل ما تقوم به إيران في سوريا والعراق ولبنان واليمن يؤكد سعيها إلى زعزعة أمن واستقرار هذه الدول وهذه المنطقة، ولولاها لانتهت كل مشكلات هذه الدول وغيرها وأولها البحرين، فلولا تدخل إيران وسلوكها المشين لتمكنت من توفير الكثير مما تصرفه على حماية نفسها وشعبها ولوظفته لصالح خير البشرية.
في فترة سابقة كان يسهل على إيران نفي مثل هذه الأخبار التي تتهمها بالتورط في مثل هذه الأعمال، لكن هذا صار اليوم صعباً، فلا هي تستطيع أن تؤكد عكس ما تقول إنه مجرد ادعاء فارغ وتنفيه، ولا أبناء المنطقة يستطيعون تصديقها، فما رأوه منها خلال السنوات القليلة الماضية على وجه الخصوص يصعب معه تصديقها حتى لو وفرت ألف دليل ودليل.
مشكلة إيران أنها أقنعت نفسها بأن الآخرين يعانون من مشكلة ضعف النظر وكثير من التخلف العقلي، ولهذا فإنها لا تتردد عن المسارعة في نفي كل ما يتم اكتشافه من محاولات التخريب والإرهاب التي تمارسها ضد الآخرين و»بعيون قوية»، ولا تتردد عن القول بأنه ليس من سياستها التدخل في شؤون الدول الأخرى، حتى والعالم كله يراها وهي تتدخل وتعتبر نفسها سيد المنطقة.
ربما تتمكن إيران من لملمة فضيحتها في الأردن، خصوصاً لو قرر هذا البلد لسبب أو لآخر في هذه الفترة غض الطرف عما حدث، لكنها بالتأكيد لا تستطيع أن تثبت أنها لا تعمل ضد استقرار دول المنطقة.