في خبر يعكس معنى ثقافة الاختلاف طالعتنا الصحف المحلية حول قرار مدينة نيويورك باعتبار يوم عيدي الفطر والأضحى عطلة رسمية في المدارس. حيث غرد عمدة مدينة نيويورك يميل يلاسيو بأن المدينة «اعتمدت عيدي الفطر والأضحى عطلة رسمية في المدارس احتراماً للتنوع في المدينة».
هذه هي صورة حقيقية لمعنى ثقافة الاختلاف وتقبل الآخر حتى وإن كانو (أقلية). 
فثقافة الاختلاف وتقبل الآخر هو أن تتفهم وتتعايش مع الآخرين بالرغم من الاختلاف الناتج عن (الأيدلوجيات/ الديانة والمذهب/ العرق والأصل).
فأمريكا ساهمت منذ سنوات طوال للتغلب على المشاكل الناتجة عن التنوع العرقي والأيدلوجي والديني لتفادي حدوث اصطدامات بين مكونات المجتمع ولخلق مجتمع متجانس ومتعايش يحكمه القانون وتسوده العدالة.
وقصة (الصف المقسم ) هي خير مثال على الإفرازات السلبية للاختلاف؛  فهذه القصة وقعت أحداثها بعد اغتيال مارتن لوثركنغ في العام 1968، تروي لنا القصة أحداث معلمة جين إليوت أرادت أن تقضي على داء العنصرية عند طلابها بعد اغتيال لوثركنغ، خصوصاً أن جميع سكان البلدة كانوا من البيض، وأن الطلاب الصغار لم يروا في حياتهم أناساً من أعراق أخرى ليعيشوا معهم التعددية العرقية.  قررت إليوت أن تمارس العنصرية بنفسها على هؤلاء الطلبة ليكتشوا بأنفسهم مساوئها كنوع من دراسة الحالة. 
قسمت إليوت طلابها إلى قسمين بحسب لون أعينهم: ذوي العيون الزرقاء، وذوي العيون البنية. ثم حاولت أن تقنع الطلاب بأن «الزرق» أفضل من «البنيين»، فهم أذكى ولا يسببون المشاكل! 
ثم زادت بأن قالت لهم إن الزرق سيحصلون على فسحة أطول، ومن حقهم أن يلعبوا بألعاب ساحة المدرسة. أما البنيون، فليس لهم أي من ذلك. ثم طلبت من ذوي العيون البنية أن يلبسوا طوقاً قماشياً حول رقابهم كدلالة على دناءة شأنهم وضعف ذكائهم. وقالت لطلابها أن التفرقة بين البنيين والزرق ستستمر طوال ذلك اليوم. وخلال ذلك اليوم الدراسي، حصلت أمور في غاية الغرابة! فبينما شعر الزرق بالغبطة والمعاملة المميزة وأنهم أفضل وأذكى، انهارت معنويات البنيين وشعروا بظلم وغبن كبيرين. فالزرق مثلاً، أتموا نشاطاً دراسياً جماعياً في مدة أقصر بكثير مما احتاجه البنيون المقهورون.
وخلال الفسحة، تشاجر طالب بني مع آخر أزرق لأنه سخر منه ونعته بالـ «بني». تقول إليوت «رأيت كيف تحول طلابٌ رائعون متعاونون أذكياء إلى متعصبين بذيئين أشرار في ظرف 15 دقيقة». وهكذا، عاش الطلاب جميعاً يوماً غريباً جداً، كان فيه الزرق ملوكاً، والبنيون عبيداً مستضعفين.
في اليوم التالي قالت إليوت لطلابها أنها كانت على خطأ، وأن البنيين هم في الحقيقة الأفضل والأذكى، وأن الزرق هم أقل شأناً وذكاءً وعليهم أن يرتدوا اليوم أطواق المهانة والذل. وحصل العكس تماماً، إذ شعر البنيون بالعلو وكانوا أسرع بكثير في إتمام النشاط الدراسي ذاته الذي أنجزوه ببطء بالأمس! أما الزرق فشعروا بمرارة التفرقة وأثر ذلك كثيراً على حماسهم للدراسة وأدائهم في الفصل. في ختام اليوم الثاني، شرحت إليوت لطلابها المغزى مما عملته وأن غرضها كان أن يعرفوا ما يشعر به من تمارس ضده التفرقة ويتعرض للنظرة الدونية طوال حياته. كان الدرس بليغاً وناجحاً.
ومن هنا نرى أن الدول الديمقراطية تستند على مبدأ العدالة. فالجميع في هذه الدول سواسية دون أي تفرقة مبنية على أسس عرقية أو دينية أو مذهبية.
وهذه الدول تؤمن إيماناً كبيراً بثقافة الاختلاف وتسخر جل جهدها من أجل أن يحصل الجميع على حقوقه حتى وإن كانو أقلية. 
ولا تألو مملكة البحرين جهداً في جانب تعزيز ثقافة الاختلاف. فلم نسمع قط أن إحدى الوزارات في مملكة البحرين رفضت معاملة حكومية بسبب عنصري أو مذهبي أو أيدلوجي! أو أن أحداً من المواطنين منع من ممارسة شعائره الدينية أو الفكرية، بل على النقيض فإن مملكة البحرين تساهم في بناء دور العبادة لجميع الديانات والطوائف.. وتحاول بشتى الطرق أن تؤلف بين جميع الطوائف والأديان وأن تسن القوانين التي تكون في صالح الجميع وتسعى بشكل دؤوب للتقريب بين وجهات النظر، ولكن هناك بعض الأشخاص من الذين لا يؤمنون بثقافة الاختلاف هم من يحتاجون إلى إعادة تأهيل فكري وجرعات مكثفة لتطهير عقولهم وقلوبهم وألسنتهم الموبوءة بداء العنصرية والتطرف؛ هؤلاء الذين لا يتقبلون الآخرين بحجة الاختلاف بل ويقومون بالترويج عن أفكارهم المسمومة للآخرين. هؤلاء الذين يساهمون في خلق (صف مقسم) يشعر فيه البعض بأنه منبوذ وغير مرحب فيه مما ينعكس سلباً على تصرفاته فيخلق جيلاًعدائياً يكره الآخرين ويستحقرهم. بدلاً من أن يكون طرفاً فاعلاً في توحيد الصفوف.