لا حملات التغريد عبر التويتر تنفع ولا استصدار بيانات أو قرارات من البرلمان الأوروبي أو غير الأوروبي تدعو لإطلاق سراح فلان أو علان أو إحداث تغيير في سياسة الحكومة ينفع، تماماً مثلما أنه لا الصراخ ولا العويل ولا استدرار العواطف أو اختطاف الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات يؤدي إلى إحداث أي تغيير، ما ينفع فعلاً هو التحرر من قيود العناد وقصر النظر واستبدال ذلك بفتح قناة اتصال مع الحكم الذي رغم كل ما حدث في السنوات الأربعة الماضية ترك الباب موارباً أملاً في عودة البعض إلى رشده.
كل ما على «المعارضة» فعله هو التواصل مع الحكم، بعدها سيدهش العالم كيف أن جل إن لم يكن كل المشكلات قد تم حلها في لقاء واحد أو لقاءات قليلة. مشكلتنا في البحرين هي أن «المعارضة ركبت رأسها» وظلت مصرة على رأيها حتى وصلت إلى حد وجدت نفسها فيه غير قادرة حتى على الاستماع إلى الآخر فكيف بالتفاهم معه؟ لهذا تعقدت المشكلة وازدادت تعقيداً يوماً في إثر يوم حتى وصل الجميع إلى استنتاج مفاده أن المشكلة البحرينية عصية على الحل.
لا توجد مشكلة عصية على الحل، فلكل قصة نهاية، ونهاية مشكلتنا في يدنا وليست في يد البرلمان الأوروبي أو الأمريكي أو تويتر. كل ما نحتاجه هو التحرر من هذا الذي سيطر وفرض علينا رأيه وفكره ومنعنا من الالتفات حولنا والتفكير في مستقبلنا. لماذا لا نطرق هذا الباب خصوصاً ونحن على يقين من أنه سيفتح ومن خلاله سنتواصل مع من بيده القرار وسنقول كل ما نريد قوله وسنحصل على كثير مما نريد؟ لماذا نصر على مواصلة السير في طريق نعرف أن نهايته لا تفضي إلى أي باب وإنما إلى جدار سيضطرنا إلى التوقف والعودة إلى حيث كنا؟
ما حصل عليه آخرون نحن أولى به، ونحن أولى من كل الآخرين بكل عطاء يقدمه صاحب الجلالة، وجلالته حفظه الله ورعاه لا يرد من يطرق بابه فكيف والطارق نحن أبناؤه؟ الطريق إذن سالك ولا يحتاج إلا إلى قرار تتخذه «المعارضة» للسير في هذا الطريق والوصول إلى جلالة الملك الذي نعلم جميعاً أنه لا يرد أحداً ويحب الجميع، فهو أب الجميع.
ليس بالضرورة أن نحل مشكلاتنا عبر القنوات الحديثة وما وفرته من أدوات ووسائل لا يصلح كثير منها لمجتمعنا، لماذا لا نجرب الطريقة التي ظل آباؤنا وأجدادنا يعتمدونها في حل مشكلاتهم؟ لماذا لا نعود إلى الوراء قليلاً ونبحث مشكلاتنا في مجلس الحاكم ونحن نحتسي معه القهوة العربية المرة؟ ألم يكن أجدادنا يحلون مشكلاتهم الكبرى بهذه الطريقة؟ ألم يكن آباؤنا يفعلون الشيء نفسه؟ الحاكم مسؤول عنا جميعاً ومجلسه مفتوح دائماً وهو يمتلك القدرة على الاستماع. العقلاء يدركون أن جلسة واحدة من هذا النوع تكفي لحل المشكلة كلها. مشكلتنا أننا لم نجرب هذا الدواء رغم معرفتنا الأكيدة بأنه مفتاح الشفاء من ذلك الداء.
لا قيمة لإعراب البرلمان الأوروبي عن قلقه، ولا قيمة لدعوة غيره الحكومة إلى فعل ما هي غير مقتنعة به لسبب أو لآخر، ولا قيمة لكل ما ينشر من تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي، فكل هذا يدخل في باب الفضفضة التي لا طائل من ورائها ولا مردود. القيمة الفعلية والحقيقية هي في تلك «الوصفة الشعبية» التي لا مفر منها، طال الزمن أم قصر، والدليل أنه حتى جلسات الحوار التي استمرت طويلاً وشاركت فيها عقول كثيرة لم تصل إلا إلى ذلك الجدار.