صعقني خبر رحيل فارس الدبلوماسية السعودية والخليجية والعربية، الأمير سعود الفيصل، لحظة كتابة هذه السطور، مما اضطرني لتغيير المقدمة، وكأنه واحد من وزرائنا، وكيف لا وقد كان بمثابة وزير خارجية البحرين إبان انقلاب 2011 حين أمر النظام الإيراني بتحريك زوارق عسكريه باتجاه سواحل البحرين رداً على طلب المملكة بدخول درع الجزيرة، لحظتها أرسل الفيصل للنظام الإيراني تهديداً شديد اللهجة قائلاً: «أي زورق يدخل البحرين ليس له رجعة لإيران».
نعم الخاتمة ونعم الرجل أنت يا سعود الفيصل.. وبعد..
أعلم أن التمثيليات السياسية غدت سمة رئيسة في بلادنا، لكني ضقت ذرعاً بها لأنها كثرت في الآونة الأخيرة وبشكل مقزز، وأتمنى أن أغمض عيني وأفتحهما لأجد كل الممثلين السياسيين وقد اختفوا من على الوجود لأنهم سبب أزمتنا..
لكن «ما علينا من الممثلين السياسيين»، فهذا موضوع آخر، ودعنا ندخل في صلب المقال..
عزيزي القارئ «ما بال هذه الصحيفة، عسى ما نذكر إيران إلا شبت علينا!»، قل بالله عليك، من يجرؤ -في هذا الوقت تحديداً- على الدفاع عن إيران المتأمرة على العرب والمسلمين من المحيط إلى الخليج، والملطخة أيادي نظامها بدماء الشعب العراقي والسوري؟
أموت وأعرف «بلاش أموت لأن إيران لا تستحق من يموت لأجله»؛ ما الذي أغضب الصحيفة من كلام النائب جمال بوحسن؟
النائب ألقى كلمة في مؤتمر دولي بباريس أمام رئيسة الجماعة مريم رجاوي وصف فيها إيران بـ»الفاشية» فما الذي أزعلكم من كلامه؟ لماذا كلما قلنا على إيران كلمة استشطتم غضباً؟ لماذا لم نشهد حميتكم وغضبكم يظهر ضد النواب الإيرانيين الذين طالبوا بضم البحرين إلى إيران، على الأقل انتصاراً لـ»وطنكم»، أم حلال عليهم وحرام علينا؟
تذرعكم بأن إيران «دولة صديقة» تربطنا بها اتفاقات وتبادل دبلوماسي، هو «موضة قديمة» أكل الدهر عليها وشرب، فإسرائيل تربطها بمصر اتفاقات ومعاهدة سلام، ومع ذلك فإن تلك المعاهدات لم تمنع الشعب المصري من اعتبار الكيان الصهيوني عدواً ومحتلاً لأراض عربية!!
أما إذا كنت تبحث عن أوجه الصلة بين إسرائيل وإيران لتربط بين كلامي، فالأوجه على إجرامهم وتوحشهم واضحة وجلية، فكلتاهما متفقتان على إيذاء وترويع وتخريب أمتنا العربية والإسلامية، وكما أن الصهيونية تمارس الاضطهاد والقتل ضد الشعب الفلسطيني العربي والمسلم، كذلك تفعل الصفوية مع الشعب الأحوازي العربي المحتل، بجانب احتلالها لجزر إماراتية.
أما إذا كان لديكم وجهة نظر أخرى في مسألة الاحتلال، فهذا شأن آخر!!
أعلم أنك مندهش من تشبيه إيران بإسرائيل، لأن التشوه الطائفي والأخلاقي والوطني وعشقك لإيران مسيطر عليك حتى النخاع، وهو من يجعلك ترفض الإقرار بالحقيقة والاعتراف بأن ولي الفقيه هو من خطف المذهب الجعفري المعتدل وسحق قيمه ومبادئه السامية لتحقيق أغراض سياسية ذات طبيعة مظلمة، وحوله إلى حرب طائفية مسمومة وأداة سحق وتخريب وإزهاق همجي ومجاني لأرواح المسلمين البريئة في البحرين وسوريا والعراق واليمن، وفي كل بقعة من العالم استطاع الوصول إليها، وجعل «كبيركم» يشوه التاريخ، فينكر على الفاروق عمر بن الخطاب بأنه أول شهيد في الإسلام، وحين حاول أن يستخدم ذكاءه ليبيض صفحته لم يفلح «تنويه» في أن يقنع طفلاً للتو يتعلم المشي، بحسن نيته بتشويه التاريخ «وبدل ما يكحلها عماها»!
ما قاله النائب بوحسن هو ترجمة لمشاعر كل بحريني وطني وشريف، فإيران ليست فاشية وحسب بل بنت ستين فاشية، «واللي مو عاجبه يشرب من البحر»