أكتب هذه السطور في اللحظة التي توصل فيها أحد محاور الشر، طهران، مع الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة، إلى اتفاق نهائي حول برنامج إيران النووي، لذلك سأرجئ الحديث عن تفاصيل هذا الاتفاق في المقال القادم إن شاء المولى القدير.
قلت من قبل إن الغباء له ناسه، وإن هذا الغباء إذا ما تفاقم وترك دون علاج قد يضرب العقل والأخلاق والفطرة الإنسانية السليمة، ويتخطى حدود الأشخاص الأسوياء، فلا يتوقف عند جحافل الأغبياء، بل تنتقل عدواه إلى أشخاص آخرين قد يكونون أشد خطورة على المجتمع من الغبي الرئيسي صاحب العداوة!!
تخيل عزيزي القارئ الكريم لو أن صحيفة في طهران اتهمت النظام الإيراني بدعم القاعدة واحتضان قيادتها، وأن ذلك يتم تحت غطاء ودعم من وزارة الداخلية الإيرانية، تعتقد ماذا يمكن أن يحدث؟
ليس أقل من أن تصحو صباحاً فتجد جميع العاملين في الصحيفة، بما فيهم رئيس تحريرها، معلقين على أعمدة الإنارة.
لا توجد معايير مفهومة عند أتباع ولي الفقيه لحرية التعبير ولا يوجد دليل يرجعون إليه، فالتحريض بشكل علني لاستخدام العنف ضد السلطة والترويج لتغيير النظام الدستوري القائم بالبلاد، ومخالفة الأنظمة والقوانين، والتآمر والتخابر مع الخارج، تدخل ضمن معايير حرية التعبير؛ فمثلاً إبراهيم شريف يهذي ولا يدري أصلاً ما يدور حوله وكأنه أصابه عارض، فيصنف ما قاله في خانة التعبير عن الرأي، علي سلمان يدعو إلى قلب نظام الحكم فيعتبر سجين رأي، وصحيفة تفبرك ضد البحرين، وقد مسكت من قبل بالجرم المشهود، ويعتبر ذلك حرية تعبير، إنها الموازين المقلوبة في هذه البلاد، فيالها من بلاد ويالهم من شر العباد!
ورغم أننى لم أنكر ولا مرة واحدة أن خدام ولي الفقيه ارتكبوا نزقاً وحماقات شتى للإضرار بهذا الوطن، لكني لم أكن أتخيل أن الحماقة والنزق يصلان بهم إلى هذا النحو.
تخيل صحيفة برئيسها وكامل طاقمها تعمل - بكل الوسائل غير المشروعة - وتستميت في سبيل تثبيت أن أهل السنة إرهابيون يدعمون داعش، فأي خصومة وغل وبغضاء وضغينة وحقد تلك التي تملأ قلبك وتدفعك للانتقام بهذه الطريقة من شركائك في الوطن؟
كبرت كلمة تخرج من أفواهم إن يقولون إلا كذباً وتزويراً وانحطاطاً، لا.. ويتهمنا بالطائفية، بالله عليك جاوبني؛ أنت متأكد أن الدم الذي يجري في عروقك بحريني؟!
إنها الطائفية يا سادة في أبهى صورة..
لقد افترض العبقري الفلكي على نحو فكاهي مضحك، أن داعش مخلوق ظهر من صلب سنة البحرين، وفي سبيل تثبيت هذه التهمة على المكون الآخر، استعان كاتب تلك الصحيفة، والتي تربى لحم أكتافه من (إعلانات) هذا البلد، بكل الأشرار والشياطين الزرق الذين يتقافزون لتشويه الوطن، بدءاً بما يسمى (مرآة البحرين) وانتهاء بما يسمى (قناة اللؤلؤة) وهما تمولان وتقبضان وتأكلان وتشربان من خير عمائم طهران، لتنفيذ جريمة (تدعيش أهل السنة) عمداً وبطريقة مكشوفة ومفضوحة وتفطس من الضحك.
لعلك عزيزى القارئ تتساءل؛ وماذا بمثل هذا الاتهام من المضحكات، فأجيبك: إنه النوع الذي اعتبره أعظم شعراء العرب، ومن له مكانة سامية في قلبي، أبوالطيب المتنبي «ضحكاً كالبكاء»، فحين نتحدث عن مصالحة وطنية، وصلاة موحدة، وقصص وأفلام، ثم يأتي من يتهمني بدعم الإرهاب، هنا، لزم علي أن أقول وبكل فخر وأنا أقهقه من الضحك: «سلملي على المصالحة الوطنية».