قبل العيد بيومين يموت شاب في الثامنة عشرة من عمره بسبب انفجار قنبلة محلية الصنع، كان يحاول زرعها في موقع بالقرب من منطقة العكر، وبحسب التحقيقات فإن الحالة هذه تتشابه مع حالات سابقة تمثلت في زرع متفجرات في مواقع معينة بهدف استهداف رجال الأمن.
لنترك الفعل جانباً، ولنتساءل هنا بشأن الشاب الذي مات وهو في هذه السن، وكيف حال عائلته وأقربائه، كيف حال ذويه، وهم يصلهم خبر يفطر قلوبهم ويبكيهم. من المسؤول عن فقدانهم لابنهم؟! من يلومون؟!
أولاً نعزيهم لوفاته، متأسفون على زهرة شبابه التي ضاعت بسبب أفعال لا يطرب لها إلا من مازال يرى في شباب البحرين «وقود محرقة»، يغرر بهم، ويغذي عقولهم بأفكار واهية مثل «ثورة» و»جهاد مقدس» و»تضحية» ومسمى «شهداء» لقضية عادلة، في حين أن المحركات نفسها وعلى رأسهم المحرضون بمنأى هم وعائلاتهم وأبناؤهم عن هذه الأفعال، وعن تصدر حتى المسيرات المرخصة.
دور العائلة مهم هنا، وفي حالات عديدة نرى بأن ضمن الأسباب التي أدت لهؤلاء الشباب أن يكونوا فريسة سهلة الصيد لأناس مهنتهم استغلال البشر، إبداعهم في كيفية زرع «المظلومية» في قلوب الأطفال والناشئة، كيف «يجندونهم» ليكونوا «أكباش فداء» يقيمون «حفلات إعلامية» على جثثهم ويتاجرون بأرواحهم.
من المسؤول عن موت هذا الشاب؟! هل قتلته قوات الأمن؟! هل كان يسير في حال سبيله فتم اعتراض طريقه؟! أم أنه ذهب بنفسه ليزرع قنبلة يستهدف بها أرواحاً أخرى، يستهدف أرواح رجال أمن قيل فيهم من على المنابر وممن يصدرون الفتاوى الشخصية باسم الدين «اسحقوهم»؟! هل الدولة قتلت هذا الشاب، أم من يحارب الدولة ويحارب المواطنين الذين يخالفونه الفكر والتوجه السياسي وحسبة «الأجندات الشخصية» هم من قتلوه؟!
نريد للناس أن يعوا خطورة المتاجرة بحياتهم من قبل «مستغلي الدين» ومن قبل المحرضين، ومن قبل كارهي الدولة. هذه الدولة التي مازالت أحن على كارهيها من أولئك الذين يريدون منهم التحول لـ»قرابين» لأجل ثورة مزعومة مطامعها شخصية فئوية بحتة، هدفها صنع بلد طائفي منقسم يضطهد فيه من لا يوالي «الولي الفقيه» كإيران وتوابعها.
كم شاباً راح ضحية هذا التحريض، كم شاباً ذهب بصدره ليفتعل المواجهات وليقول «أنا الشهيد التالي»، وهو يواجه رجال أمن بلده، لا قوات احتلال؟! لكنه للأسف يراهم كذلك، بسبب أن هناك من خلق هذه الصورة الذهنية لديه، هناك من غذاه بالكراهية والحقد، وبرر له القتل والإجرام والإرهاب، هناك من صور له بأن ما سيقوم به سيدخله «الفردوس الأعلى» من أوسع أبوابها.
على الأهالي مسؤولية الحفاظ على أبنائهم من الضياع، عليهم التصدي لأي شخص يحاول اللعب بمصائر فلذات أكبادهم، وما هو أغلى من الابن؟!
هذا شاب آخر يموت، وأكبر الخاسرين هم أهله، ووطنه الذي منحه حقوقاً حاله كحال سائر المواطنين، وللأسف أكبر الفرحين والمستفيدين هم أولئك الذين استغلوا موته ليتاجروا به إعلامياً، ليبدؤوا جولة جديدة لمحاربة الدولة بتشويه صورتها وقلب الحقائق، بانتظار ضحية تغرير وإرهاب جديدة، فهؤلاء لا يهمهم من يموت، بل يهمهم كم شخصاً سيموت؟!