تقدير نبيل رجب لمبادرة جلالة الملك بالإعفاء عنه لأسباب صحية خطوة طيبة، وتمنياته بأن يتبع هذا القرار قرارات أخرى «تسهم في إضفاء أجواء إيجابية وتكون بداية لمرحلة جديدة» يشاركه فيها الجميع، فالجميع يرغب في الخروج من هذا المأزق الذي تسبب فيه أفراد لم يقدروا نتيجة قفزتهم المجنونة في الهواء.
كذلك فإن قوله «إن خطر الإرهاب يداهم دولنا وهذا يحتم علينا تعزيز وحدتنا والسعي لفتح صفحة جديدة وعهد جديد نتحاور فيه لنجد حلولاً لأزماتنا» قول طيب عليه أن يسعى إلى إقناع الآخرين به وعمل ما يشجع الدولة على اتخاذ قرارات أخرى تصب في هذا الاتجاه.
نبيل قال إن «قرار ملك البلاد بالإفراج عني وبعض السجناء المعارضين خطوة نقدرها وتصب في إطار إيجابي نحن في أشد الحاجة له»، ونبيل تمنى أن يكون «العيد بداية لمرحلة جديدة وعهد جديد يكون عنوانه المصالحة وتجاوز أحزان الماضي»، ونبيل مطالب اليوم بحكم العلاقة التي تربطه بمختلف فئات «المعارضة» أن يترك جانباً تلك الشعارات التي صنفته على أنه منحاز لها فيعمل بطريقة مختلفة يقف فيها على مسافة واحدة من الحكم و»المعارضة» كي يحظى بالقبول أولاً من الدولة ويحصل على الثقة المطلوبة كي يقوم بالدور الذي أعلن عنه لحظة الإفراج عنه.
الحماس أمر طيب لكنه يحتاج إلى استمرارية وعدم الانجرار للعواطف والبحث عن البطولات، فغير نبيل قال أيضاً مثلما قال نبيل لحظة الإفراج عنه بمكرمة بل طرح نفسه كوسيط بين مختلف فرق «المعارضة» وبينها وبين الحكومة قبل أن يجد نفسه في مساحة أخرى أدت به إلى مواجهة تهم «صعبة صعبة».
نبيل رجب وإبراهيم شريف وآخرون يقضون عقوبات بالسجن حالياً وغيرهم من المنوط بهم أدوار حزبية ينبغي أن يعلموا أن عليهم في هذه الفترة على وجه الخصوص دوراً مهماً في المساعدة على الخروج مما نحن فيه، كما أن عليهم أن يدركوا أنهم يختلفون عن الآخرين الذين لا تأثير مجتمعياً لهم، فيعملوا بطريقة مختلفة تسهم في التوصل إلى الحل المنشود بدل أن يكونوا سبباً في تعقيد الأمور، كما أن عليهم أن يبادروا لا أن ينتظروا المبادرات فيستغلونها أو يتركونها.
من هنا يأتي السؤال كبيراً عما إذا كانت تصريحات رجب ساعة الإعفاء عنه حقيقية وصادقة أم أنها «لزوم الشيء أعلاه» وأنه سرعان ما سيأخذه الحماس كما فعل إبراهيم شريف ويتسبب في جرح هذه الصفحة التي انتظرها الكثيرون طويلاً؟
لا أحد يحب أن يكون أحد من أبناء هذا الوطن في السجن، والحكومة لم تفعل سوى أنها انتصرت للقانون، وهو حقها، وبيد أفراد من هذا الوطن أن يعملوا على تغيير هذه الصفحة، يستطيعون ذلك لو حكموا عقولهم وابتعدوا عن الشعارات التي لا توصل إلى مفيد. وإذا كان صعباً على قياديين في «المعارضة» القيام بهذا الدور خشية أن يخسروا الشارع الذي ملؤوه حماساً حتى «لم يعودوا يشيخون عليه» فإنه يفترض ألا يكون صعباً على العاملين في مجال حقوق الإنسان ورافعي هذه الشعارات، ونبيل واحد منهم.
من هنا عليه أن يؤكد أنه جاد في كلامه وأنه بالفعل سيسعى إلى أن يكون بالكيفية التي أعلن عنها وألا يضعف فيرتكب أخطاء تعود به إلى حيث كان أو تتسبب في عدم الثقة به نهائياً.
قول نبيل رجب «إن خطر الإرهاب يداهم دولنا وهذا يحتم علينا تعزيز وحدتنا» قول عاقل وحكيم لأن الإرهاب وصل إلى دارنا حتى صرنا نتوقع الأذى في كل لحظة، بل إن صلاة الجمعة صارت مبعث قلق وسبباً للتوتر، لكن نبيل رجب يعلم جيداً أن القول لا يغني عن العمل.