شهدت أول ليلة من ليالي الفطر مجموعة من «العمليات» المراد منها نشر الفوضى وتعقيد الوضع، ففي تلك الليلة تم تكسير ثلاث كاميرات من مجموعة الكاميرات التي تم تثبيتها أخيراً على جامع بقرية الدير بغرض حماية المصلين «وهو إجراء اتخذته وزارة الداخلية بعد انتشار التهديدات باستهداف المساجد في البحرين كما حصل في السعودية والكويت»، وأعلنت الداخلية على حسابها في التويتر عن «تفجير إرهابي بقرية كرانة يستهدف دورية أمنية أثناء قيامها بالواجب دون وقوع إصابات»، بالإضافة إلى «العمليات» المعتادة التي لايزال البعض يتردد عن تصنيفها في باب العنف ويتحاشى حتى إدانتها ويعتبرها ردة فعل طبيعية. يضاف إلى ذلك ما حدث في أواخر شهر رمضان المبارك عندما هاجم عدد كبير من الشباب رجال الأمن الذين كانوا يتناولون وجبة الإفطار في الطريق بمئات من زجاجات المولوتوف الحارقة القاتلة.
هذا يعني أن قراراً قد اتخذ لإغراق البلاد في بحر من العنف، ويعني أن هناك نية للتعويض عن الاضطرار لتقليل عدد العمليات في شهر رمضان رغم أنها لم تتوقف أبداً، ولا تفسير لهذا سوى العلم أو الإحساس بأن الاتفاق النووي الذي تم بين إيران والدول الست أحيا الأمل في أن تحصل إيران على الفرصة التي تعينها على الوفاء بتعهداتها وتسقط النظام. في هذا الخصوص لعل من المفيد استعراض البيان الذي أصدره أخيراً ما يعرف بائتلاف فبراير والذي وصف فيه «الاتفاق النووي الإيراني مع السداسية الدولية، بالإنجاز التأريخي الذي سينعكس إيجاباً على شعوب المنطقة والعالم»، و«أشاد بما توصل إليه الوفد الإيراني وبما حققته إيران حين أقرت القوى السلطوية الكبرى في العالم بها كدولة نووية، مذعنة لقدرتها التكنولوجية المتقدمة، بعد أن اضطرت أن تخضع للأمر الواقع، وتوقع على انضمام إيران للنادي النووي العالمي». كما جاء في البيان الذي لم ينس صائغوه التنويه «بمقاومة الشعب الإيراني ومسؤولي الجمهورية الإسلامية، طيلة أعوام ومدى صمودهم أمام مختلف الضغوطات الاقتصادية والسياسية الظالمة التي مارستها القوى الاستكبارية ضدهم، حتى كلل كل ذلك بهذا الإنجاز التأريخي»، وكذلك التأكيد على «حكمة قيادته الرشيدة المتمثلة بسماحة الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي، والخطوط الحمراء التي وضعها». كما اهتموا بالتأكيد على أن هذا هو الذي «مكن الشعب الإيراني الصامد من أن يحقق هذا الإنجاز الكبير الذي سينعكس إيجاباً دون شك على شعوب المنطقة والعالم». البيان يختم بالتأكيد على أن «المقاومة والصمود والتمسك بالحقوق المشروعة وبالثوابت والقيم تحقق إرادة الشعوب الكفيلة بإخضاع القوى السلطوية في العالم» وبتقديم التهاني والتبريكات «لسماحة ولي أمر المسلمين السيد القائد الخامنئي وللشعب الإيراني هذا الإنجاز التأريخي الكبير».
من يتمعن في البيان لا يجد صعوبة في التوصل إلى أن ائتلاف فبراير يعمل ضمن أجندة معينة وأنه إنما يقوم بكل أعمال العنف والتخريب تلك تنفيذاً لأوامر تصل إليه بطريقة منظمة ويتم محاسبته على كل تأخير في التنفيذ.
لا بأس أن يحس هذا الفريق أو ذاك بأن الاتفاق النووي سيكون في صالحه بشكل أو بآخر، لكن ألف بأس وبأس لو أن إيران اعتمدت مثل هذا التفكير لأنه سيعيدها إلى مشروعها الذي رفضت بسببه وحوربت فور انتصار ثورتها. قيام إيران اليوم بدعم هذه المجموعات يعني باختصار أنها تسعى لاستكمال مشروع تصدير الثورة الذي سيطر على تفكيرها وجعلها منبوذة من كل العالم.
الحكمة تقتضي أن تقوم إيران ببيان أنها لن تتدخل في شؤون الدول الأخرى ولن تدعم المجموعات المتطرفة وأنها ضد إغراق جيرانها في بحر العنف.