استكمالاً لما طرقناه أمس من خسارة عائلة بحرينية وخسارة البلد قبلها لشاب بحريني راح ضحية محاولة زرع قنبلة تستهدف رجال الأمن إرضاء لمن قال بحق رجال الأمن «اسحقوهم»، وامتثالاً لمن يحرضهم على كراهية النظام والدولة والقانون، وتنفيذاً لأوامر من يريد البشر أن تموت ليحقق هو أجندته السياسية، استكمالاً لهذا الكلام نقول بأن محاربة هؤلاء البشر الذين يحاولون «سلب» الناس إرادتهم، وتطويع أفكارهم وغسل أدمغتهم، هو واجب وطني اليوم على كل شخص يريد الخير لهذا البلد وأهله.
غسل الأدمغة، والتحريض والتغرير وإيهام الناس، كلها أساليب يستغلها أصحاب الأجندات، والكارثة أكبر حينما يتدثر هؤلاء المحرضون والمستغلون برداء الدين، ويصورون ما يقولون وما يوجهون به الناس على أنه تعاليم دينية لا يمكن أن تناقش أو تعارض.
تعبنا ونحن نقول أبعدوا الدين عن السياسة، امنعوا «تجار الدين» من ممارسة السياسة، بالأخص أولئك الذين يناهضون الدولة ويجاهرون بمحاربتها ومازالوا يدعون لإسقاطها، ومن سيحاول النيل مما نقول هنا ليبين بأننا نقلل من شأن الدين بالدعوة لتحييد المتحدثين باسمه، فإننا نقول له شتان أصلاً ما بين هؤلاء وبين الدين، ومن قال أصلاً بأننا نعترف بهم كرجال دين. الدين راق في تعاليمه، يجمع البشر ويهديهم للخير، لا يحرضهم ويدفعهم للتخريب والعنف والقتل والشتم والسباب والنيل من الآخرين. هؤلاء تجار دين، مستغلون للدين، ولأن بعضهم يريد رفع عقيرته بالصراخ وفعل ما يشاء، هو يضفي على نفسه هالة القدسية، وكأنه كالذي يضع على جبهته لافتة تقول «رجل دين، ممنوع الاقتراب»، وبذلك يبيح لنفسه فعل ما يشاء باسم الدين.
هؤلاء الدين منهم براء، وشاسع كبير وبون خرافي بينكم وبين نهج رسولنا الكريم صلوات الله عليه، أنتم من أسأتم للدين، وأبعدتهم الناس عنه حينما صورتم أنفسكم وكأنكم الدين نفسه، ووضعتم أنفسكم في موضع القديسين، وأن الناس والأتباع عليهم أن يذلوا لكم، يركعوا أمامكم، يسجدوا ليتباركوا بأثركم، أنتم تفعلون كما فعلت قريش ومن قبلها، حينما ألهت البشر، ودفعت الناس لعبادتهم.
أسلوب التقديس الديني، وسياسة غسل الأدمغة، ومساعي التأثير على الناس، أسلحة استخدمها كارهو الأوطان، واستخدمها الطائفيون، واستخدمها أصحاب الأجندات لخلق طوابير وأتباع.
أسلوب برع فيه من نصبوا أنفسها في موقع «الولي الفقيه»، أولئك الذين صنعوا في قلب إيران بعد تغيير نظامها دولة تقتصر على مذهب، يقتل صاحب المذهب الآخر أو يسجن أو تنتهك حقوقه، ونصب من استغلوا الدين أنفسهم على أنهم «رسل جدد» وأن ما ينطق به وحي يوحى، وأنهم هم الدين والناطق باسمه، والحاكم على الناس بدخول الجنة أو تجرع العذاب في النار.
الخميني مارس السياسة أكثر من الدين، وكل من سار بعده، وعفواً هنا، نعني واحداً فقط هو الخامنئي، باعتبار أن المرشد الإيراني لا يتبدل مطلقاً إلا حينما تصعد روحه إلى المولى عز وجل، لا انتخاب ولا استفتاء ولا إرادة بشر ولا ديمقراطية ولا شيء آخر، هو الحاكم الآمر الناهي المطلق باسم الدين.
لكن المؤسف على مثل تلك العقول التي غسلها هؤلاء، إيصالهم تجار الدين لمرحلة القدسية، وابتكار وابتداع ممارسات لا تدل إلا على التقديس الذي يصل لمستوى العبادة، وكأنهم أرباب يمشون على الأرض.
تذكرون صوراً ومجسمات منتشرة بشكل مهول لقائد الثورة الإيرانية الخميني، وكيف أن الأمر وصل لطباعة وصناعة مجسمات له يتم تسييرها في مواكب ووضعها في مجالس وكأنه مازال بين الناس، يتحدث معهم ويجلس بينهم؟!
يدركون بأنها مجرد صورة، مجرد مجلس لن ينطق ولن يتكلم، لكنها الغاية التي تريد الاستمرار في التأثير على البشر، تريد إيصال أشخاص لمستوى التقديس والتأليه، وللأسف هناك من يبيع عقله وإرادته ظاناً بأن ما يفعله يقوده للدين الصحيح، ويدخله جنة رب العالمين.
وهنا أعود لربط هذه السطور بسابقاتها، وحادثة وفاة الشاب، وما أعقبها من تعاز، وكيف أنها وبعض «المواجيب» الإنسانية الأخرى تمت في ظل وجود أمين عام الوفاق علي سلمان، على الرغم من أن هذا الأخير موقوف ومحكوم، إلا أنهم استحضروه، نعم عبر مجسمات وألواح طبعت عليها صورته، يحملونها من مكان لمكان، ومن مجلس لآخر، ومن مقبرة إلى عزاء إلى جلسة شاي، في استنساخ لما يفعله أتباع النظام الإيراني بالخميني.
أي استخفاف هذا بأهالي فقيد راح ضحية التغرير وتصديق هؤلاء، أي استخفاف بروح إنسان يدفن في المقبرة وعلى رأس قبره لوح يحمل صورة علي سلمان؟! أتستهزئون بروحه وأهله؟! والله سيأتي يوم يقوم فيه أهل فقيد تحريض وتسييس بكسر هذا اللوح على رأس جالبيه.
رسالتنا فقط للناس الذين مازالوا يصدقون هؤلاء، والله لا يهمهم أمركم، هم تجار جثث، يريدون موتى، يريدون أرقاماً يتاجرون بها ويركضون بها للإعلام الخارجي ليشوهوا صورة البحرين، وفي النهاية يأتون بلوح عليه صورة ليقدم واجب العزاء.