هكذا قال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي في خطبة العيد السبت الماضي في طهران، وكان يتحدث عن تواصل إيران مع الحكومة الأمريكية في محاولة لتأكيد وجود محادثات بين الطرفين في ملفات أخرى غير النووي ولكن بطريقة تبدو وكأنها نفي لهذا الأمر، حيث قال «ليست لدينا محادثات مع أمريكا بشأن القضايا الدولية والإقليمية المختلفة والقضايا الثنائية.. وقد عقدنا محادثات «أحياناً» .. «في حالات استثنائية» .. «تأسيساً على المصلحة» مثل القضية النووية، «ولم تكن هذه الحالة وحدها»»، يعني بالعربي يوجد اتصال ومحادثات بين إيران والولايات المتحدة لتدارس ومناقشة العديد من الملفات ولكن يمكن إدراج ذلك في الحالات الاستثنائية، فعندما يقول إن القضية النووية لم تكن الحالة الوحيدة التي تم استثناؤها فهذا يعني أن هناك استثناءات أخرى.
أيضاً لم تكن المرة الوحيدة التي يؤكد فيها السيد الخامنئي مسألة دعم بلاده لـ«الشعوب المظلومة» في عدد من الدول ومنها البحرين، حيث جدد في خطابه هذا دعم بلاده لشعوب فلسطين والعراق واليمن والبحرين وسوريا، وهو ما يعني أن الاتفاق النووي وما سيترتب عليه من مصلحة أكيدة لإيران «لن يثنيها» عن دعم تلك الشعوب لأنها ترى أنها «شعوب مظلومة». أكد ذلك أيضاً بقوله «سواء تم التصديق على هذا النص (الاتفاق النووي) أم لا، فإننا لن نتخلى عن دعم أصدقائنا في المنطقة»، وأنهم «سيحظون بدعمنا على الدوام».
دعم إيران لأصدقائها في سوريا وفلسطين واليمن والعراق معروفة أشكاله وسبله، لكن كيف هو دعمها لـ«أصدقائها» في البحرين؟ قبل هذا من المهم تسجيل هذا التصريح كاعتراف صريح من إيران بأن لها «أصدقاء» في البحرين وأنها أخذت على عاتقها دعم هؤلاء الأصدقاء لأنهم يندرجون تحت قائمة «الشعوب المظلومة»، وهو اعتراف صريح بأن لإيران يداً في هذا الذي يحدث في البحرين منذ أكثر من أربع سنوات، وإلا كيف تدعم «أصدقاءها» هنا؟
هذه المرة لن نقبل الادعاء بأننا فهمنا خطأ، لأن ما جاء في الخطبة كان واضحاً ولا يقبل التأويل، عدا أن مرشد الجمهورية الإيرانية كان مهتماً بتوضيح هذه الحقيقة بغية توصيل رسالة إلى «أصدقائها» ملخصها أن الاتفاق النووي لن يؤثر على التزامات إيران تجاههم وأنها ستستمر في دعمهم بل إنها ستزيد من ذلك الدعم بعدما وفرت لهم المثال على أن الصبر والإصرار يوصلان إلى الهدف المنشود، فلولا صبر وإصرار إيران على التوصل إلى الاتفاق النووي الذي تبدو أنها راضية عنه لما توصلت إليه.
صور دعم إيران لـ«أصدقائها» في البحرين خلال السنوات الأربع الماضية معروفة وواضحة ربما باستثناء القليل منها، فكيف سيكون الدعم بعد الاتفاق النووي وبعد إحساس إيران بأنها حققت انتصاراً على «قوى الاستكبار» إلى الحد الذي جعلها تهاجم الولايات المتحدة بهذه الطريقة بعد أيام قليلة من الانتهاء من الملف النووي؟
قبل أيام دعا أحد «العقلاء» في إيران إلى الدخول في مرحلة «الكفاح المسلح» في البحرين، هل هذا كان مرتباً له؟ هل ما قاله هذا الشخص وهو عضو شورى وما قاله السيد الخامنئي في خطبته إيذان للدخول في تلك المرحلة؟ وهل لهذا علاقة بالتصعيد الواضح الذي يحدث حالياً من قبل ما يسمى بائتلاف فبراير الذي سارع بتهنئة إيران والخامنئي ووصف الاتفاق النووي بأنه انتصار لإيران و«للشعوب المظلومة»؟
اعتراف إيران بدعم «أصدقائها» في البحرين ليس جديداً، وصور ذلك تتوفر باستمرار، السؤال فقط هو عن الأشكال الجديدة للدعم وما إذا قد تم التباحث في ذلك مع الولايات المتحدة باعتبار هذا الملف من «الحالات الاستثنائية».. «تأسيساً على المصلحة»؟!