هناك أمور أساسية نرى بأنه واجب على الدولة توفيرها، وإن كانت متوفرة بشكل نسبي، فإن التحدي هو عبر توفيرها بشكل كامل، وإن لم تكن (والحمدلله هي ليست كذلك) فالمطلوب العمل على تحقيقها، لأن فيها خير هذا المواطن.
نعود ونكرر رفضنا للمبدأ الخاطئ القائم على إيراد وصف «المواطن» في أي حراك أو توجه، بينما الواقع يبين أن هذا الحراك بعيد جداً عما يريده المواطن ويطالب به ويتمنى تحقيقه من الدولة.
وحينما نقول بأن المواطن يتمنى أن تتحقق أمانيه ومطالبه من الدولة، فإننا نتحدث عن صميم مقومات الولاء والانتماء والمواطنة، فالمواطن المحب لبلاده لا يحب أن يتفضل الأجنبي عليه، ولا أن تتحقق بعضاً من مطالباته بضغط، بل فخره واعتزازه ببلاده ومنظوماتها المختلفة سيزيد حينما يرى بأنها جميعاً تتداعى لتحقيق متطلباته وتخلق لديه حالة من الرضا.
وعليه فإن السعي لأجل تحقيق الرضا في المجتمع ورفع مؤشر سعادة الناس، تحدٍ صعب لا ينجح فيه إلا الناجحون في عمليات استقراء الواقع والوقوف على مطالب الناس، ومن ثم بناء الخطط والاستراتيجيات والتي توضع بعدها موضع التنفيذ مع الحرص على تحقيق النتائج المطلوبة.
لذلك نقول بأن هناك أموراً يجب على الدولة توفيرها بشكل «متكامل»، ورغم تقديرنا لجهود الدولة المبذولة في هذه الجوانب، لكننا نقول بأن بلوغ الكمال (والكمال لله وحده) ليس جريمة، والسعي له ليس إلا من الفضائل والتميز في العمل.
لو عدنا لهرم الاحتياجات لـ»ماسلو»، فسنجد أن القواعد الرئيسة فيه لا تخرج عن الأساسيات التي تكفل العيش للمواطن، بحيث لا يكون مشرداً، معانياً من أمراض، ولا جائعاً، وتحميه من الجهل.
وعليه فإننا نتمنى أن تتدارس الدولة بشكل جدي فكرة «التأمين الصحي» على كل مواطن، وهي عملية مطبقة في كثير من الدول، خاصة وأننا نتحدث اليوم عن أمر واقع لا محالة تحت مسمى «إعادة توجيه الدعم»، وأن الهدف منه هو «صالح المواطن»، بالتالي حبذا لو كانت المبالغ المتحصلة من أية عملية لتوجيه الدعم في شأن أي سلعة معينة أو خدمة، أن يعاد توجيهها بشكل «مباشر» إلى المواطن نفسه، ولسنا هنا نتحدث عن مبالغ لا تغني ولا تسمن من جوع كالتي ذكرت في شأن موضوع إعادة توجيه الدعم عن اللحوم الحمراء.
لو وفرت مبالغ هنا وهناك، وخصصت ملايين هنا وهناك من وراء عملية مراجعة مصروفات بعض القطاعات، وتحديد نسبة الهدر المالي منها الموثق في تقارير ديوان الرقابة، ولو تم فحص الأولويات وتحديد حتميتها وأهميتها بحيث يستقطع من كل قطاع جزء من ميزانيته وإبقاء الجزء الأعظم منها للأمور اللازمة، لو تم ذلك لوفرنا مبلغاً يمكن من خلاله تأمين المواطن البحريني صحياً، بحيث يكون له الخيار متاح للعلاج في كافة المستشفيات في المملكة، سواء العامة أو الخاصة، علماً بأن بعض المستشفيات العامة التي نقول في تصريحاتنا بأنها مجانية العلاج ليست كذلك بالنسبة للشرائح التي تستهدفها، وبالعودة لأنظمة وقوانين العمل بها.
بالتالي ما المانع من التفكير الجدي في هذه المسألة، خاصة وأننا نرى بعض المسؤولين من خلال ردود فعلهم وكأنه تضايقهم مطالبات زيادة «الأموال» في جيب المواطن عبر رفع الرواتب وغيرها، وهنا نقول لا تعطوا المواطن مالاً في يده، لكن أمنوا له خدمة العلاج المجاني في أي مستشفى في البلاد، أمنوه وأهله صحياً، خاصة وأن القطاع الخاص وأغلب شركاته يؤمنون على موظفيهم الأجانب وعوائلهم، وهنا نرى المواطن أولى، وأن الفكرة يمكن تحقيقها لو نظر إليها جدياً، وتحديداً من زاوية «ماذا نقدم للمواطن لنحقق رضاه» لا من زاوية «كم سيكلف الدولة من مال»، والنقطة الأخيرة يمكن التفكير في حلول عديدة لها.
هذه الاحتياجات مهم توفيرها للناس، الصحة «الشاملة» وترسيخ فكرة هامة لدى المواطن بأنه لو تعرض هو وأحد أفراد عائلته لعارض صحي فإن الدولة تعالجه وتكفله دون أن يتوسل أو يترجى أو يطلب أو أن يكتب معاناته في الجرائد.
نضيف إليها كفالة حق المواطن في شأن التعليم والسكن، وهي نقاط تحتاج لتفصيل أكثر ضمن السياق الذي نهدف لطرحه كأفكار ومقترحات.

.. وللحديث بقية