^   ليس هذا شعاراً من الشعارات التي صار البحرينيون «يبدعون» في تأليفها ويتم رفعها وترديدها في المسيرات والاعتصامات التي باتت جزءاً من المشهد البحريني ويبيحها القانون وينظمها، ولكنه قول المراد منه البحرينيون الذين اختاروا المكوث في الخارج واختاروا أن يتخذوا موقفاً سالباً من القيادة والحكومة. فالبحريني الذي يقيم «بره»، في لندن أو بيروت أو طهران أو غيرها من الدول هو المقصود هنا، خاصة بعدما تبين أن البعض منهم يمارس دوراً ينبغي ألا يمارسه لأنه في نهاية المطاف إنما يسيء إلى وطنه الذي هو عنوانه ومستقبله. ما يراه كل عاقل هو أن ما يقوم به هؤلاء يسيء إليهم وإلى أهاليهم ووطنهم قبل أن يسيء إلى من أرادوا الإساءة إليه، وليس من بلاد يمكنها أن تحترم من لا يحفظ الود ويعادي وطنه، وعليهم أن يدركوا أن تلك العواصم إنما تبيح لهم التحرك من بلادها لمصلحة خاصة بها تقدرها، فهي لا تفعل ذلك لسواد عيونهم. فالدول مصالح، ولعل ما انتشر مؤخراً من أخبار عن تورط بعض الدول في عملية تدريب بعض الخليجيين بغرض استخدامهم في تغيير الأنظمة في دول الخليج العربي يضعهم في دائرة الشك بسبب سلوكهم وتواجدهم في تلك الدول. مؤسف أن يسعى البحريني للإساءة إلى وطنه وناسه فيبدو كأنه يعمل لصالح تلك الدول. نعم من حق هذا المواطن كونه صار يعمل في السياسة أن يبحث له عن منابر يوصل من خلالها أفكاره ويحاول أن يحقق جانباً من أهدافه، ولكن ينبغي أن يعلم جيداً أن هذه الفرصة التي تتاح له في الخارج ليست من دون مقابل، وعليه أن يعلم كذلك أن تحالفه مع الآخر ضد وطنه فيه ظلم لأهله ولوطنه ولن يوصله إلى شيء إلا إن كان الهدف مجرد إزعاج السلطة. البحرينيون الذين اختاروا العيش في الخارج لسبب أو لآخر هم اليوم محط الأنظار، حيث الشكوك في تعاملهم مع جهات لا تريد الخير للبحرين، وحيث النظر إليهم على أنهم يبيعون وطنهم للغريب ويخونونه. ليس بالضرورة أن يكونوا كذلك -على الأقل من باب النوايا- لكن تواجدهم هناك ونشاطهم الإعلامي عبر بعض الفضائيات وعلى الخصوص السوسة الإيرانية يضعهم في هذا الموقف ويجعل الكثيرين يقررون أنهم إنما يتآمرون على وطنهم. بالتأكيد أنهم وهم في حالتهم هذه لا يعطون هذه الملاحظة أي اعتبار ومن الطبيعي أنهم يقولون إنهم مقتنعون بما يفعلون ويرون أنه الصواب ولو دخلت معهم في نقاش سيدخلونك في متاهات لن تصل في نهايتها معهم إلى ما يفيد، بل ستجد أنهم مقتنعون تماما بأنهم سوف يسقطون النظام في يوم قريب. هذا يؤكد أنهم ينطلقون في خيالهم ويبتعدون عن الواقع، ذلك أن الواقع يقرر أموراً لا يعين الخيال على التعامل معها بطريقة صحيحة. من السهل تخيل إسقاط النظام وتخيل حتى تقاسم المناصب، لكن الواقع يقول إن إسقاط النظام مسألة مستحيلة وإن هذا هو رأي كل عارف بأمور المنطقة وأمور السياسة، حيث المتاح واقعاً هو إجراء إصلاحات بدأها الملك ويضاف عليها حسب ما تمليه المصلحة العامة، لكن مسألة إسقاط النظام لا يقول بها إلا أولئك الذين يريدون السوء للبحرين. للتوضيح فقط؛ لست من القائلين أن أمورنا عال العال ولست أقول إنه لم تحدث أخطاء أو تجاوزات أو لا توجد ممارسات خاطئة ولكنني أقول إن كل هذه الأمور يمكن إيجاد حلول لها في الداخل. وأقول إن المساندة المتوقعة من بعض الدول قابلة للتغيير عندما تكون مصلحة تلك الدول في ذلك التغيير. فلا تضعوا بيضكم كله في سلتها!