كثرت الأخبار التي تهتم الجمعيات السياسية هذه الأيام بنشرها وملخصها أن نواباً في هذا البلد أو ذاك يقودون تحركاً مسانداً لـ«المعارضة» بهدف الضغط على الحكومة للاستجابة إلى مطالبها واتخاذ «ما يرونه من قرارات»، تماماً مثلما كثرت في الفترة الأخيرة تأكيدات إيران استمرارها في دعم «أصدقائها» من «الشعوب المظلومة»، واعتبرت شعب البحرين واحداً منها.
أما الرد على هذا وذاك فهو إنه لا هذا ولا ذاك ينفع «المعارضة» لأنه يصنف في باب التدخل الخارجي في شؤون محلية لبلد مستقل، لو كان ينفع لاستجابت حكومات الدول موضوع الحديث نفسها لضغوطات نواب و»أصدقاء» من دول أخرى لمطالب «المعارضة» المعتمدة لديها.
لا توجد دولة في العالم تقبل بالتدخل في شؤونها الداخلية، والتحرك الذي يقوم به أولئك النواب الذين تهتم الجمعيات السياسية هذه الأيام بنشر أخبارهم هم الأكثر استفادة منه لأنه يظهرهم بمظهر الداعمين للمظلوم وبمظهر رافع لواء الديمقراطية وحقوق الإنسان، ليكسبوا أصوات الناخبين، بينما في الحقيقة والواقع لا تأثير لما يقومون به لأنه لا يخص بلادهم وإنما يخص بلاداً أخرى لا علاقة لهم بها ولا يهمها تحركهم. وهناك بالطبع فائدة تجنيها الجمعيات السياسية هي توصيل رسالة إلى مناصريها وإلى ما يسمى بائتلاف فبراير بشكل خاص مفادها أنها تعمل وليست نائمة وأنه لايزال يرجى منها خير.
الأجدى من التواصل مع أولئك النواب في هذا البلد أو ذاك هو التواصل مع الشخصيات البحرينية التي لها مكانتها واحترامها لدى الجميع، فهذه الشخصيات هي التي يمكن للحكومة أن تستمع إليها وتأخذ وتعطي معها، وليس أولئك النواب الممثلين لشعب غير شعب البحرين ولا علاقة لهم بما يحدث في البحرين.
هناك الكثير من الشخصيات البحرينية المؤثرة والتي تحظى بثقة الجميع يمكن الاستفادة منها لتحقيق المطالب ولحل الكثير من المشكلات المانعة من التوصل إلى حل لمشكلتنا التي طالت. عدم تحرك تلك الشخصيات سببه الأساس ربما يعود إلى أن أحداً لم يطلب منها القيام بهذا الدور؛ لا الجمعيات السياسية ولا الحكومة ، إلا أنه لايزال هناك متسع من الوقت ليكون لهذه الشخصيات الدور المتوقع منها فتقوم بمهمة التوفيق بين مختلف الأطراف وتوصلهم على الأقل إلى النقطة التي يمكنهم فيها استئناف الحوار الجاد الذي يمكن أن يوفر الحلول الدائمة للمشكلة.
استمرار المشكلة ليس في صالح أي طرف من الأطراف وتهدد الوطن، فما ينبغي الانتباه له هو أن المنطقة تشهد الكثير من المتغيرات التي يمكن أن يتضرر منها الجميع لو بقي الوضع في الداخل على ما هو عليه، فمثل هذا الوضع يسهل على مريدي السوء لهذا الوطن التغلغل وعمل كل ما يحلو لهم ويعينهم على تحقيق أهدافهم. ليس من وقت أفضل لحل مشكلتنا من هذا الوقت، وليس أفضل لحلها من إعطاء الشخصيات البحرينية المقبولة من الجميع وغير المنتمية إلى الجمعيات السياسية الفرصة للمشاركة وتوسيع المساحة التي تلتقي فيها كل الأطراف.
الوقت الذي تضيعه هذه الجمعيات السياسية في إقناع النواب البريطانيين أو غيرهم للتوقيع على مذكرة تطالب الحكومة هنا بالاستجابة لطلباتها ينبغي أن تستفيد منه في التواصل مع الشخصيات البحرينية التي يمكنها أن تقوم بهذا الدور كونها تجد القبول أيضاً من الحكومة، والوقت الذي تصرفه الجمعيات السياسية في نشر تلك الأخبار فاقدة القيمة والتأثير يمكن أن تستفيد منه في عقد لقاءات مع تلك الشخصيات أو دراستها للانتقاء منها.
هذه الرسالة أيضاً موجهة إلى المنتمين إلى الفئة الصامتة من البحرينيين، والذين يفترض ألا يكون الصمت موقفهم وأن يفكروا على الأقل في مخارج للمشكلة، لأنهم في كل الأحوال جزء منها واستمرارها يؤذيهم كما يؤذي غيرهم ويؤذي الوطن.