لو تمر أية دولة في حالة حرب، أو أقلها تهديدات من دول أخرى أو قوى أجنبية، فإن الوضع الطبيعي المنطقي يحتم عليك مشاهدة «انتفاضة شعبية» دفاعاً عن البلد. المشهد البديهي أن يتوحد الشعب بجميع طوائفه بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم ليصدوا هذا الهجوم أو يردوا على هذا التهديد.
هذا وضع طبيعي يحصل في غالبية الدول، إلا في البحرين فإنك تجد وضعاً غريباً جداً، تجد فئات وكأنها تهلل وتهتف لأجل أن يضرب الغريب والأجنبي بلدها وأن يستهدف الوطن بكل من فيه، تجد مجموعات وأفراداً أفعالهم تدفع لوصفهم بـ«الطوابير الخامسة» التي تتحرك من الداخل لتساعد المعتدي والطامع مع الخارج.
اليوم لدينا إعلام مناهض للبلد وبوجه مكشوف، يرفض أن يدين التهديدات الإيرانية أو يستنكرها، وبعض أقلامه اختفت وكأن الأرض انشقت وبلعتها، في دلالة واضحة بأنها لا تريد كتابة حرف يدين نظام خامنئي. صور لمقبوض عليهم حاولوا تهريب أسلحة إيرانية لداخل البحرين لم تنشر ولم توضع حتى أسماؤهم، وكأن يراد القول بأنهم «أبرياء»، وهي أسطوانة اعتدناها من إعلام يدعي «الشجاعة» حينما تكون المسألة التهجم على البحرين ومحاربتها، في حين هو «رعديد» و«جبان» حينما يأتي اسم إيران على الذكر.
عموماً، هذه الأزمات والأحداث، هي التي تكشف لك حقيقة الكثير، تكشف موطئ قدم كل شخص.
وإن كان بعضهم يطلب منك افتراض حسن النوايا هنا، فإننا نقول بأن تهديد الوطن من الخارج لا «تصرف» معه «شيكات» حسن النوايا، فإما أنت مع بلدك أم أنت ضدها، لا لون «رمادياً» هنا، إما «أبيض» أو «أسود»، وعليه فإن تصحيح المسار يكمن في المسارعة بالوقوف مع البلد وعدم التقاعس أكثر، ووقف سيل التبريرات والذرائع واختلاق الحجج.
جهات عديدة أعربت عن شجبها واستنكارها للتصريحات الإيرانية السافرة، لو أحصيناها لتعبنا، وكثرتها أمر طبيعي كما أسلفنا أعلاه، إذ من يقبل أصلاً بأن تستهدف بلده بقول أو بفعل، إلا من هو كاره لها يريد الشر لها لا الخير.
على صعيد الأندية والمراكز الشبابية التي تضم عشرات الآلاف كمنتسبين لها، صدر بيان ضخم يشجب ويستنكر التصريحات الإيرانية ويعلن وقوف هذه الأندية والمراكز موقفاً وطنياً إلى جوار البلد وقيادته.
هذه المبادرة قادها نادي المحرق، وهي ليست بمستغربة على هذا النادي العريق، ونثمن هنا تجاوب عدد كبير من الأندية والمراكز، خاصة وأننا نتحدث عن واجب وطني لا يتقاعس عنه إلا شخص يضع على نفسه ألف علامة استفهام.
لكن مكمن الغرابة هنا بأن لدينا في البحرين 52 نادياً رياضياً، كلهم وقعوا على عريضة الأندية الرياضية باستثناء 6 أندية رفضت! وكذلك بالنسبة للمراكز الشبابية إذ لدينا في البحرين 36 مركزاً شبابياً 13 مركزاً رفضوا المشاركة في عريضة المراكز لاستنكار التهديدات الإيرانية!
لدينا الأسماء، ولن نذكرها، لكن مجرد الاطلاع على أسماء الأندية والمراكز في البيان المعني بهم والذي احتوى اسم 46 نادياً رياضياً و23 مركزاً شبابياً، يمكنكم من معرفة من تقاعس أو رفض أو لجأ للتبرير حتى لا يضع اسمه.
هناك تبريرات قدمتها بعض المراكز والأندية مثل «الخوف» من استياء أهل المنطقة «سبحان الله وكأن أهل المنطقة من إيران وليسوا البحرين»، وهناك من قال للمتواصلين معه «سنشاور ونعود لكم» وبعدها أغلقت التلفونات، وهناك من تذرع كالعادة بـ«الخوف» من انتقام الإرهابيين والمحرضين.
شخصياً والله نستغرب من هكذا مواقف، أولستم أندية ومراكز بحرينية وطنية؟! هل تهديد بلادكم مسألة بسيطة يقبل إزاء السكوت وعدم النطق بحرف؟!
والله من يسكت عن استهداف بلاده لا مبرر له سوى أنه شخص يقبل على نفسه وعائلته الاستهداف وهو ساكت، هذه البحرين التي لا يوجد أعز منها، والسكوت عما يضرها ويمسها ويستهدفا إنما هو قبول بكل ما صدر وقيل من النظام الإيراني وأتباعه وأزلامه.
هنا نستغرب مثل هذه المواقف، ولسنا نستنهض أحداً أو نستنطقه، إذ ما فائدة البعض حينما وقع «تقية» على عريضة رفض التصريحات الإيرانية، وما فائدة البعض إن كان سيقول كلمة وهو بقلبه يكن البغض والكراهية أكثر من الطامع الإيراني نفسه.
نقول هنا لمن أورد الأعذار التي لا تنتهي، مع محاولة إحسان الظن، صححوا هذا المسار المعوج، الدفاع عن بلدنا أمر تلقائي يصدر من أي مخلص محب لها، والتقاعس يشكك الناس في أمر وولاء الصامتين.
اليوم لا تقبل فيه «حركات» و«استعراضات» مسك العصا من المنتصف، أو التبرير لإيران على حساب البحرين، أو أية أعذار «مأخوذ خيرها»، اليوم هل أنت مع البحرين أم ضدها؟!
العيب كل العيب لمن يدعي ويقول بأنه مواطن ويمهه البلد وحراكه وحتى نضاله لأجله، وحينما تدق ساعة الحقيقة يخرس ويصمت أو يتوارى عن الأنظار. البطولة والشهامة في الدفاع عن البلد، لا بيعه للأجنبي برخص التراب.