هكذا علق أستاذ العلوم السياسية الكويتي المفكر الدكتور عبدالله النفيسي على خبر تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين، حيث كتب في حسابه على التويتر «التصريحات الأخيرة المتشددة لخامنئي ومستشاره ولايتي تعكس الموقف الفعلي «بلا تقية» لإيران وهي نية التدخل في الجزيرة العربية وشؤونها»، وهو ما يعني في صيغة أخرى أن إيران أزالت القناع وكشفت عن وجهها الحقيقي الممتلئ حقداً على دول الخليج العربي وبوجه خاص على البحرين التي وصف شعبها بالمظلوم ونصب نفسه حامياً ومنتصراً له، ومتوعداً.
هذا التصريح غير المتحفظ والمنفلت والصادم لمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدخل صريح في شؤون دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة، من هنا جاء رد المستشار الإعلامي لجلالة الملك نبيل بن يعقوب الحمر الذي كتب في حسابه «تدخلات إيران وأعمالها ومواقفها المعادية في شؤون البحرين تتطلب موقفاً قوياً وحاسماً من إخواننا في دول مجلس التعاون والدول العربية»، فمن دون الحركة الاحتجاجية التي قادها معالي وزير الداخلية ومن دون موقف قوي وحاسم من منظومة مجلس التعاون ومن الدول العربية كافة يمكن لإيران أن تتمادى ولا تكتفي بمثل هذه التصريحات الخارجة عن اللياقة واللباقة ولا بمحاولات تهريب الأسلحة وتدريب عناصر يتبعون الحرس الثوري الإيراني على استخدام السلاح، كما أظهر الفيلم الذي بثه تلفزيون البحرين السبت الماضي، والذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك محاولات إيران لزعزعة الأمن ونشر الفوضى في هذا البلد الآمن الذي لا يريد من إيران سوى أن تكف أذاها عنه وتعيش وتدع غيرها يعيش.
استدعاء وزارة الخارجية للقائم بأعمال السفير الإيراني في المنامة للاحتجاج على تلك التصريحات اللامسؤولة للخامنئي، ثم استدعاؤها لسفير المملكة لدى طهران للتشاور، هو للتعبير عن غضب البحرين من تلك التصريحات ومحاولات التدخل في شؤونها، والتي لم تتوقف في السنوات الخمس الأخيرة على وجه الخصوص ولتوصيل رسالة ملخصها أن البحرين تأمل في أن «تسود علاقات طبيعية متطورة بين البلدين تقوم على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتقيد بقواعد التعامل الدولي بين الدول المستقلة ذات السيادة».
الخطأ نفسه الذي ارتكبته الجمهورية الإسلامية في بداية نشأتها في العام 1979 ترتكبه اليوم، هناك أخذها الحماس وفرحة تسلم مقاليد الحكم فأعلنت عن عزمها تصدير الثورة، فأخافت جيرانها منها، وأدخلت بتلك التصريحات المعبرة عن قلة خبرة ودراية بالعمل السياسي المنطقة في مرحلة جديدة أساسها الارتياب من كل فعل تقوم به إيران والتشكيك في كل قول يصدر عنها، وهنا «اليوم» أخذها الحماس وفرحة التوصل إلى نهاية إيجابية للمفاوضات بشأن ملفها النووي فأعلنت عن عزمها مضاعفة جهدها ودعمها لـ»الشعوب المظلومة»، واعتبرت شعب البحرين واحداً من تلك الشعوب، فكان ذلك بمثابة اعتراف صريح بأنها وراء مجموعة الأعمال المخلة بالأمن والاستقرار والتي يتم اكتشافها بين الحين والحين في هذا البلد المسالم.
إيران»بدل الانخراط بشكل إيجابي وبناء في البحث عن سبل تعزيز الأمن والاستقرار والتوصل لحلول ومعالجات جذرية للتحديات والتهديدات التي تواجه دول المنطقة أجمع، وفي صدارتها الإرهاب بمختلف أشكاله وصوره» تتفرغ للتعبير عن مراهقتها وتكشف هذه المرة ولكن «من دون تقية» عن نواياها الحقيقية وما تضمره من حقد للبحرين. أما رد البحرين فجاء قوياً ومفاجئاً لإيران التي لن تتأخر عن إيجاد كل ما يلزم من تبريرات والقول بأنه «تم تأويل كلام مرشدها وتحميله ما لا يحتمل»، وكأن العالم كله يعاني من صعوبات في الفهم ومشكلات في قدراته العقلية.
البحرين قيادة وحكومة وشعباً لن تسكت هذه المرة، وما قامت به خلال الأيام القليلة الماضية عبارة عن رسالة لكل العالم ملخصها أن الكيل فاض وأنه ما «بعد تصريحات وتهديدات الخامنئي.. سكوت».