شهيدان جديدان من رجال الأمن أمس وعدد من المصابين، وهذا ما قلناه سابقاً، بأن تأجيل الصرامة في تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء أو تخفيفها، يدفع كل ذي نفس مريضة لمواصلة التخريب والإرهاب واستهداف رجال الأمن تطبيقاً لدعوة «السحق» التي أطلقها مرجع الوفاق بحق رجال الأمن، والذين بدورهم تصفهم الوفاق بـ «المرتزقة».
من أمن العقوبة أساء الأدب، معادلة مللنا من تكرارها، ومع تباطؤ التنفيذ السريع للأحكام بحق المجرمين، فإن قلة الأدب تزيد، وهي تتمثل لدينا على أرض الواقع بعمليات إرهاب وإجرام ينفذها الطابور الخامس من «مرتزقة إيران» ويبرر لهم ويدافع عنهم الإعلام الأصفر المناهض والكاره لهذا البلد.
قلنا سابقاً حينما سقط آخر شهيد في صفوف رجال الأمن، بأنه لن يكون الأخير، وها هي المأساة تتكرر، بعد أيام من اكتشاف محاولة تهريب أسلحة من إيران، سبقتها تصريحات تستهدف البحرين من خامنائي نفسه، وبحسب المعلومات الأولوية فإن الأسلحة المستخدمة أمس شبيهة بما تم ضبطه في محاولة التهريب.
نعم، نستنكر، وكل شريف ووطني محب للبحرين سيستنكر، بل ستفور دماؤه في عروقه غضباً، لكن إلى متى سنظل على هذه الموجة من «رد الفعل»؟! إلى متى سنظل نخاطب الدولة وكأننا نتوسل إليها بأن طبقي القانون على من يشتمك ويتطاول عليك؟!
تذكرون حادثة دهس الشرطي وقتله، والأحكام الصادرة بحق من قاموا بهذه الجريمة؟! لو أننا نفذنا حكم القضاء المبني على ما أفاد به الشرع وكلام الله سبحانه في القرآن الكريم وفق مبدأ «القصاص»، هل كنا سنجد تصاعداً في موجة الإرهاب، وهل كانت عمليات استهداف الشرطة ستصل إلى هذا الحد؟!
حينما يغيب مبدأ الثواب والعقاب، تختل الموازين، وتتحول المنظومات إلى فوضى، وتتحول الدول إلى غابات، ويتحول من يدعي أنه يشتغل بالسياسة إلى إنسان غابة، لا قوانين تردعه ولا ضوابط تحكم تصرفاته، بل نهجه العنف والتخريب والإرهاب ولغته البذاءة والشتم والسباب والتسقيط.
أرواح الشرطة التي زهقت، من لها؟! من يأخذ بحق دمائهم، من يعوض أهاليهم؟! ومن ينتصر للدولة والحق والقانون؟!
هؤلاء ضحوا بأرواحهم لأجل هذا الوطن، ولأجل الناس ليأمنوا على أنفسهم. الانفجار الآثم حصل في منطقة فيها منشآت حيوية يفترض أنها تعج بالناس، من خطط لهذا التفجير لم يهمه أن يسقط ضحايا من رجال الأمن أو مدنيين من نفس قريته أو أطفال، هدفه الفوضى والقتل واستمرار ممارسة الإرهاب.
على الدولة أن تكون أشد صرامة إزاء هذه الفوضى، من يقبض عليه يمارس الإرهاب وقبله من يحرض عليه، ومن يستميت في الدفاع عنه وعن أفراده ويبرر لهم، هؤلاء يجب أن تحاسبهم الدولة وفق القانون، هؤلاء لا يجب أن تمنح لهم أية حقوق، بل يجب حرمانهم منها، ببساطة شديدة لأنهم أخلوا بمعادلة «الحقوق والواجبات»، لم يلتزموا بواجباتهم تجاه البلد، بل شتموه ولعنوه واستهدفوا أمنه وأقلقوا أمن أهله وخططوا لقتل رجال أمنه، بالتالي هؤلاء «عار» عليهم وليس من حقهم أن يتباكوا ويطلبوا أية حقوق ويتوسلوا أي تعاطف أو تخفيف أو عفو.
لدينا دستور فطبقوه، لدينا قانون فطبقوه، لدينا قوانين إرهاب فطبقوها، لا تأخذكم في الله والحق لومة لائم، والله ولا دولة في العالم تقبل بأن تعمل فيها «خلايا كارهة» وجماعات مناهضة للنظام بهذا الشكل السافر، ولا دولة تسمح لمحرض أن يواصل في التحريض، أو جمعية تتذرع بأنها مسجلة قانونياً بأن تمارس تحريضاً لمناهضة الدولة وكراهية النظام.
لم نصل إلى ما وصلنا إليه إلا بسبب التأخر في المحاسبة، إلا بسبب التأخر في الرد على من يسيء للوطن، والنتيجة سقوط شهيد تلو الشهيد، رجال أمن مهمتهم حفظ الأمن، لكنهم لا يأمنون على سلامتهم.
وزارة الداخلية قدمت العديد من التضحيات، ولها كل شكر وتقدير المخلصين من أبناء هذا الشعب، لكننا سنلوم الجهات الأخرى التي هي معنية بأخذ الحقوق وتطبيق القانون وإصدار الأحكام وتنفيذها بدون تراخٍ، ماذا تنتظرون؟! ثلاث توصيات من توصيات جلسة المجلس الوطني قبل ثلاث سنوات لم تنفذ؟! المحرض الرئيس لم يتم توقيفه؟! من قال «اسحقوا» رجال الشرطة لم يتم حتى استدعاؤه؟! أنتم تلامون على هذا الانفلات، واسمحوا لنا لا مجاملة هنا لكم على حساب الوطن، وعلى حساب أرواح الشهداء من رجال الأمن.
بلغ السيل الزبى، ولابد من وضع النقاط على الحروف، ولابد من الحزم، هذا أمن بلد ولا يمكن الاستهتار به أكثر.