سأؤجل إجابة السؤال المعلق أعلى هذه السطور وسأبدأ بسؤال آخر، سؤال بسيط؛ كيف يمكن أن تقف صامتاً فيما وطنك مهدد ويتعرض لأكبر مؤامرة في تاريخه؟
لم يساورني الشك قيد أنملة حتى جاء اليقين ليثبت لي أن الوفاق ليست فصيلاً سياسياً وطنياً، ولم يكونوا كذلك في يوم قط، ولا داعي لكشف المستور وفتح كتب التاريخ، فأفعالهم في السنوات الخمس الماضية وحدها كفيلة وتقف شاهداً على ذلك.
وحتى أكون دقيقاً أكثر؛ الوفاق لا تؤمن أصلاً بالوطن ولا تحترم ترابه، والثابت في هذه المرحلة التاريخية من عمر الوطن أن الوفاق ولاؤها الأول والأخير لإيران.
دليلك!.. دليل إيه؟! هو فيه دليل أكبر من امتناعهم عن إدانة التصريحات الأخيرة «لولي نعمتهم» خامنئي ضد البحرين.
يتصور «المفذلكون» والمتسلقون أو يصورون لأنفسهم أن العائق الوحيد الذي يقف في وجه إنهاء المشكلة السياسية في البحرين هو تعنت الدولة، ويتصور أيضاً منظرو «الثلاث ورقات» أن الحل السياسي يكمن في الحوار الوطني «كلاكيت ثالث مرة»، وأن الدولة مهما تعنتت -طال الزمن أو قصر- ستلجأ للحوار.
وبعيداً عن لغة العواطف؛ كيف يمكن أن تتحاور الدولة مع جماعة ولاؤها لغير وطنها، وتحرض على العنف وتصمت عن الإرهاب الذي تمارسه ميليشياتها؟
هذا ليس كلاماً مرسلاً؛ بل لدينا مجموعة حقائق تبدأ بفتوى «اسحقوهم» التي أطلقها المرجع الديني للوفاق عيسى قاسم من على منبر جامع الدراز في أغسطس 2012، وفرخت إرهابيين اتخذوا من هذه الفتوى أرضية خصبة لتنفيذ أعمال إرهابية بحق الوطن والشعب، فكان ما كان، وما كشف عنه مؤخراً عن خلايا إرهابية تمول وتدرب في إيران.
حقيقة أخرى تكشف الصلة الوثيقة التي تربط جمعية الوفاق بتنظيمات تبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة عدد من رجال الشرطة، تكشفت هذه الحقيقة عبر واقع ملموس حين ألقى مساعد الأمين العام لجمعية الوفاق المدعو خليل المرزوق في 6 سبتمبر 2013 خطبة بمنطقة سار تضمنت تحريضاً على الإرهاب وتبريراً له، ومناصرته لما يسمى ائتلاف 14 فبراير الإرهابي فيما يرتكبه من أعمال إرهابية، وتبريره تلك الأعمال المجرمة قانوناً، وذلك قبل أن يرفع الراية الخاصة بذلك التنظيم الإرهابي بعد أن تسلمها من شخص ملثم مجهول.
فيما مضى كان إثبات أن الوفاق ليست فصيلاً سياسياً وطنياً وعلى علاقة بكل أعمال الإرهاب، ورغم كونها حقيقة، إلا أنها تبدو صعبة بالنسبة لمن يشكك ونفى أي معلومة مصدرها الشرطة، وليت الأمر يقف عند هذا الحد؛ بل يسارعون إلى مقالاتهم في صحيفتهم وصفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لاختراع تبرير هزلي، ينفي حتى شريط التسجيل واعترافات المتهمين المسجلة.
وأظن، بل أجزم، أن هذه التبريرات لا تخرج إلا من عقول عقيمة تعاني من مجموعة عقد نفسية، اعتادت على اختراع الكذبة وترديدها حتى تصديقها، فتجدهم يؤكدون أن حراك الوفاق سلمي ولا علاقة له بأعمال الإرهاب، فيما وفي نفس اللحظة يستمعون لـ»اسحقوهم» والتي تحولت إلى أنشودة على طريقة أغنية شعبان عبدالرحيم «هبطل السجاير».
إذاً فقصة أن الوفاق فصيل سياسي وطني هي قصة زائفة شكلاً ومضموناً وبالأدلة والبراهين سالفة الذكر، فلا الامتناع عن رفض وإدانة التهديدات التي تمس وطنك يعد عملاً وطنياً، ولا تبرير الإرهاب والعنف والتحريض على الكراهية والطائفية هي ممارسة سياسية، ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تحاور جماعات ولاؤها لغير أوطانها وتتعاطف مع الإرهابيين «انظر إلى الكويت التي قررت سحب جوازات سفر المتعاطفين مع داعش».
الغريب أن هؤلاء يطالبون بمعاقبة كل المتعاطفين أو المتعاملين مع «داعش»، ثم يطالبونك بالجلوس للتفاوض مع من يتعاطفون ويتعاملون مع إيران التي تتآمر وتهدد أمن وطنك، وعلى علاقة بمن ينصبون الكمائن ويضعون القنابل لقتل رجال الشرطة.
الحقيقة المرة أن قائمة «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت» قد زادت عن الحد!