حينما اندلعت أحداث شغب لندن عام 2011، تعاملت الحكومة البريطانية برئاسة ديفيد كاميرون بشكل سريع وحازم مع المخربين ومثيري الفوضى.
صور المشتبه بهم والملتقطة عبر كاميرات عديدة موزعة على مختلف مناطق العاصمة البريطانية «لندن فيها أكثر من 5 ملايين كاميرا» صور المشتبه بهم نشرت في وسائل الإعلام بأسمائهم. قوات الشرطة ومكافحة الشرطة تضاعفت على الأرض، وبدأت عمليات القبض والإحالة للمحاكمة. القضاء والمحاكم تم تشغليهم على مدار الساعة، المحاكمات تمت على مدار 24 ساعة.
الأهم أن كاميرون أعلن هذه الخطوات بنفسه وبشكل صريح وواضح وفي خطاب قوي، ولم ينس أن يوجه كلاماً مباشراً لجمعيات حقوق الإنسان وكل من حاول «التدخل» في شؤون بريطانيا وحاول «التفلسف» على الحكومة البريطانية في إجراءاتها، حيث قال بأنه لن يسمح لأية ادعاءات ومبالغات تصدر عن هذه الجمعيات بأن توقف الحكومة البريطانية من إعادة الأمن إلى لندن، وعن محاسبة المتسببين بالفوضى، وأن هؤلاء سيطالهم القانون وعقوباته التي قد تصل لحرمانهم من حقوقهم المدنية.
كل هذا حدث في بريطانيا العظمى، في المملكة ذات الديمقراطية العريقة التي يمتد عمرها لأكثر من 500 عام، في المملكة التي يتحدث البعض عنها كمضرب مثل في الديمقراطية والحقوق ويدعو لاتخاذها نموذجاً ومثالاً، لكن للأسف حسب «مقاييسه» الشخصية هو، وما يخدم أجندته.
في بريطانيا لا تهاون مع الإرهاب، لا تصنيف له، ولا تبرير يقبل له. لا يمكن لأي شخص أن يزدري الآخر بأي وصف عنصري أو طائفي. حتى المتحصلون على الجنسية البريطانية، والذين يكتسبونها بموجب عيشهم هناك لخمسة أعوام فقط «وليست بناء على 25 عاماً أو 15 عاماً في البحرين، بحسب القانون» لا يمكن لأي أحد أن يجرؤ، حتى لو كان بريطانياً أباً عن جد بأن يصفهم بـ«مرتزقة» أو «مجنسين» أو غيرها من النعوت، أن يمارس هذا الأسلوب دون أن يحاسبه القانون وبصرامة.
هذا المثال البريطاني الحي الذي حصل قبل سنوات، أشرنا له مراراً، فقط لأن له دلالات عديدة، على رأسها دلالة تثبت بأن «أمن المجتمع» أياً كان يأتي أولاً قبل أي شيء، «الأمن» و»تطبيق القانون» و»حماية الأفراد» يأتي قبل الالتفات لصراخ وبيانات جمعيات حقوق إنسان، ويأتي قبل «الاكتراث» ببيانات جمعيات سياسية أو أحزاب وغيرها، رغم أنه في بريطانيا لا تقف الأحزاب حتى المعارضة ضد إرادة الحكومة أو إرادة الملك في شأن تعزيز الأمن ومحاربة الإرهاب، بعكس ما يحصل في البحرين، من وجود لجمعيات وإعلام يبرر الإرهاب، بل يروج له، ويسميه بمسميات عديدة، وفي جانب أهم يناهض الدولة ويعمل ضدها.
ما يحصل في البحرين خلال السنوات السابقة، وما وصلنا إليه مؤخراً من سقوط شهيدين آخرين من رجال الأمن، يحتم على الدولة والحكومة تغيير أسلوب التعاطي، والتشدد أكثر في عملية فرض الأمن وتطبيق القانون، والأهم عدم السماح لأي كان، خطيب منبر، جمعية سياسية، منبراً إعلامياً، بأن يتعامل مع «الأمن القومي» وكأنها «لعبة» أو «مغامرة» يمارس فيها ما يريد، فيحرض هنا، ويبث الكراهية للدولة هناك، ويبرر للإرهاب تارة، ويشارك في حراك إرهابي تارة أخرى.
هذا جانب مهم، أما الجانب الأكثر أهمية، وهو المرتبط بسرعة تطبيق القانون، وبسرعة إنزال العقاب بحق من يتطاول على البلد ويهاجمها في أمنها وأمن مواطنيها والمقيمين فيها، فالتجربة البريطانية خير مثال يحتذى به، ونعني هنا ما يتعلق بالمحاكمات وسرعة إصدار الأحكام العادلة والتنفيذ، وعليه فإن المقترح الذي أشارت له بعض الشخصيات الحقوقية بالأمس بشأن إنشاء «محكمة خاصة لقضايا الإرهاب»، مقترح يستحق الوقوف عنده من قبل الدولة، والتفكير فيه جدياً، خاصة في ظل تزايد العمليات الإرهابية، وفي ظل بطء إجراءات التقاضي وإصدار الأحكام في قضايا الإرهاب الموجودة في المحاكم البحرينية المختلفة بتنوعها ودرجاتها.
خصصوا للإرهاب والإرهابيين محكمة خاصة بهم، حاكموهم بعدالة حتى لا يظلم بريء إن وجد، طبقوا القانون بلا تهاون وبلا تردد، والأهم طبقوه بسرعة قبل أن تنشف دماء الضحايا الأبرياء، وحتى لا يتم نسيان الألم وتنسى معه القضية أو تخفف وطأتها مع تقادم الزمن، وهو الأمر الذي يجعل الإرهابي يعول على تخفيف الأحكام أو الإفراج ولو بعد سنوات بسبب حسن السيرة والسلوك «المؤقت» داخل السجن.
الإرهاب وأهله لا تفيد معهم أية محاولات مقاربة، أو حتى نقاشات وحوارات، ولا حتى صلوات جامعة، ولا أي نوع من كسب الود والجانب، الإرهاب كافر لا دين له، لا يجب التعامل معه إلا عبر القانون فقط.
طبعاً في «العرف الأمريكي» الإرهاب لا يتعامل معه إلا بالزج في سجون «غوانتنامو» بدون محاكمة، أو طلقة مباشرة في الرأس كما حصل مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وهنا لا نريد أن نكون كما الأمريكان، لكننا نريد أن نكون أهل حق، نطبق العدالة والأهم نطبق شرع الله في ما يتعلق بالقتل العمد وإزهاق الأرواح.