يجب أن يدين الجميع حادثة سترة الإرهابية، كما أدنا من قبل كل العمليات الإرهابية الأخرى التي طالت بعض الدول الخليجية، والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين، ومن هذا المنطلق لا يجب علينا طأفنة الإرهاب، لأن الإرهاب خارج نطاق وعي الطوائف، كما يجب أن ندين كل أشكال العنف فضلاً عن الإرهاب، حتى نستطيع محاصرة كل أنواع الفوضى في مجتمعاتنا الخليجية.
بمعنى أوضح؛ يجب أن نقف من قضايا الإرهاب على مسافة واحدة، فالإرهاب هو الإرهاب، من دون اللجوء إلى المسطرة الطائفية لتحديد ما إذا كان العمل إرهابياً من خلال معرفة هوية الإرهابي أو الضحية، وإلا سوف ننزف الكثير في معركتنا ضد الإرهاب بحجة التملص من الإدانة ومحاربته عبر منافذ الطوائف.
حين نكرر ذلك السؤال السمج في كل محفل من محافلنا بعد كل عملية تستهدف البشر عندنا؛ ما هي هوية المعتدي وما هي هوية المعتدى عليه، فإننا بذلك نكون كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، فنحن أكدنا وفي أكثر من موقف ونؤكد دائماً على أن نعزل الإرهاب في خندق واحد بعيداً عن الطوائف والمذاهب، وإلا فإننا سنترك ثغرات خطيرة في حياتنا الأمنية، خصوصاً إذا أوكلنا هذا الأمر الحساس لمجانين الطائفية بدلاً من تسلميه عقلاء الطوائف.
يجب علينا أن نقر ونعترف بأن هنالك من لا يريد الإقرار بأن الإرهاب لا دين ولا مذهب ولا هوية له، ولهذا فإننا سنجد هؤلاء الجهلة يتقاذفون التهم المتعلقة بالإرهاب في ما بينهم، ليرموها على الأديان والمذاهب، بدلاً من الاعتراف بنوازعها السياسية والحزبية، وبهذا ننتج إرهاباً طائفياً، نرميه كلما عجزنا عن محاربته على أبناء الطوائف كلها، وعليه سنخلق إرهاباً مقنناً وخطيراً للغاية.
لا لطأفنة الإرهاب، سواء في البحرين أو حتى في «نيروبي»، كما داعبنا بذلك فناننا القدير «أبوعدنان» في مسلسله الكبير درب الزلق قبل ظهور الثورات الطائفية البغيضة. ونحن لو ذهبنا إلى حيث ميول غرائزنا الطائفية، فسيكون هنالك إرهاب محمود وآخر مذموم، وبذا سنعيد الحياة للإرهاب على حساب حياة الطوائف.
المسألة واضحة جداً، إذ يجب رفض واستنكار كل عمل إرهابي جبان حتى قبل الالتفات إلى هوية منفذه أو ضحيته، وأن يرتفع صوت كل الناس برفضهم الشديد لكل ما يعرض حياة الأبرياء للخطر، والأهم هو أن نقطع كل الألسن التي تطأفن الإرهاب أو تستنكره في مكان وتقبله في مكان آخر، فهؤلاء دواعش، لكن بنكهة طائفية ممتازة، كما أنهم أخطر من الإرهابيين، لأنهم ينتقون الموت والحياة حسب مقاييس المذاهب السياسية التي لم تفلح حتى هذه اللحظة من إنتاج خطاب يدعو إلى العدل حتى في الفناء.