لست بصدد مناقشة ما ورد في المقال الذي نشر أخيراً بأحد المواقع الإلكترونية وتناول شخص مستشار جلالة الملك نبيل بن يعقوب الحمر مؤسس الزميلة «الأيام» بالسوء، وتجاوزكل القيم والأخلاق والأعراف، ولكن من الواجب بيان الجانب الذي تعمد الكاتب المجهول والناشر إخفاءه خصوصاً وأنني شهدته بنفسي.
معرفتي بالمستشار الحمر تمتد إلى فترة تأسيس الزميلة «الأيام» في أواخر الثمانينيات، حينها كنت أعمل في مجلة «بانوراما الخليج» وكلفني رئيس تحريرها الزميل إبراهيم بشمي عمل تحقيق عن الصحيفة الجديدة التي كانت على وشك الصدور وسيرأس الحمر تحريرها، حيث التقيناه -أنا وبشمي- في مكتبه بوكالة أنباء الخليج التي كان مديرها. بعد المقابلة الصحفية أبدى انزعاجه من انتقاد البعض له والقول إن جل من اختارهم للعمل في صحيفته هم من الشيعة وإنه رد عليهم ببساطة قائلاً إنهم مواطنون.
ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن نبيل الحمر اتخذ بعد نحو ستة أشهر من تأسيس «الأيام» قراراً بأن يقتصر التوظيف على البحرينيين، وهكذا كان، حيث استمرت الصحيفة معتمدة على الكوادر المحلية من السنة والشيعة، إلا فيما ندر وغالباً لأسباب إنسانية.
سنوات عديدة عملت في الصحيفة الزميلة، خلالها أكرمني رب العالمين بالمساعدة على توظيف مجموعة من الشباب البحريني، لم يحدث قط أن رفض نبيل الحمر اسماً اقترحته ولم يسأل قط عن مذهب أحد، كان فقط يوجه إلى أهمية تدريبهم والارتقاء بهم، ويعلم الصحافيون البحرينيون الذين عملوا معه كيف أنه خصص مكاناً في مقر الجريدة لتدريب الصحافيين الجدد، ومنهم عناصر يتخذون حالياً من الوطن موقفاً سالباً ولا يترددون عن شتمه وشتم من وفر لهم تلك الفرص.
في الثالث من مايو العام 2010 اتخذ مؤسسو صحيفة «الوقت» التي كنت أعمل فيها بصفة رئيس التحرير المسؤول قراراً بوقف صدورها، وصار لا بد من العمل على مساعدة من خسروا وظائفهم كي يحصلوا على وظائف بديلة، فجاء التوجيه من نبيل الحمر بتوظيف أكثر من عشر من الصحافيين والفنيين في «الأيام»، رغم عدم حاجة الصحيفة إليهم، وظفهم لأسباب إنسانية وبغض النظر عن مذاهبهم وأصولهم (الأمر نفسه حدث مع هذه الصحيفة «الوطن»).
هذه كلمة حق في رجل أعطى الكثير لهذا الوطن، ولأنه عمل لذا فإن من الطبيعي أن يكون قد أخطأ، مثله مثل كل عامل ومثل كل من همه الوطن. والأمر نفسه حدث مع أشقائه الذين أقحم كاتب المقال أسماءهم عنوة رغم أنهم لم يكونوا الهدف، فكلهم عملوا وأفنوا حياتهم كما الكثيرون من أبناء هذا الوطن المخلصين في خدمته والارتقاء به.
جوانب أخرى كثيرة أعرفها ويعرفها آخرون عملوا مع نبيل الحمر لا يتسع المجال لذكرها، لكنها في المجمل تلقي شيئاً من الضوء على شخصية هذا الإعلامي الإنسان الذي كان له دور كبير في تهيئة وتطوير الكثير من العناصر التي اختارت اليوم أن تكون ضد هذا الوطن وتجرحه وتجرح كل يد امتدت إليهم في يوم من الأيام من غير منة.
وصول «المعارضة» إلى هذا المستوى لا تفسير له سوى أنها وصلت حد الإفلاس، فالمفلس وحده من يكون «بصره حديد» فيفتش في حياة من يتخذ منهم موقفاً لعله يشعر من خلال الإساءة إليهم بشيء من الاتزان النفسي.
مهاجمة كل من خدم الوطن أياً كانت عيوبه دليل على الإفلاس وعلى الشعور بالهزيمة وافتقاد المنطق، فالقوي لا يهاجم الشخوص، وذوو الأخلاق يركزون في انتقادهم للآخرين على عملهم وفكرهم لا على شخوصهم وسلوكهم، وذوو الذوق الرفيع يبتعدون عن المفردات التي إن استخدموها قللت من شأنهم وقل احترام القراء لهم.