لا توجد وزارة صحة في العالم وقفت في وجه مواطنيها من الأطباء كما فعلت وزارة الصحة عندنا، ضاربة بعرض الحائط كل التوجهات السامية لمجلس الوزراء، وتوجيهات سمو رئيس الوزراء الموقر حين أكد في أكثر من محفل على ضرورة وجوب الاهتمام بالطاقات البحرينية الشابة في مجال الطب وغيرها من الكفاءات العلمية التي يحتاجها الوطن.
خيراً فعلت الصحف البحرينية، وعلى رأسها صحيفة «الوطن» حين مارست دورها الإيجابي في تبني ملف الأطباء البحرينيين، فقامت بطرح قضاياهم للرأي العام البحريني لمعرفة ما يحاك ضد هذه الشريحة من أبنائنا، ولأن ما قامت به الصحف البحرينية وكتاب الرأي في البحرين من أجل تبيان الحقيقة، يعتبر أمراً موجعاً للوزارة ولطاقمها الإداري الذي حاول إخفاء تفاصيل المشكلة، سارع سعادة وزير الصحة ومن معه لعقد مؤتمر صحافي بشكل طارئ ومفاجئ لترقيع ما كانوا يديرونه في الغرف المظلمة من قرارات ضد الأطباء البحرينيين، فجاء مؤتمره التجميلي باهتاً وغير مقنع لمن يمتلك معلومات وفيرة ومهمة للغاية عن ملف طالما اعتراه الإهمال من قبل الصحة مع الأسف الشديد.
كانت مشكلة الأطباء البحرينيين منذ البداية بسيطة جداً وواضحة جداً، والتي نستطيع إيجازها في عدم رغبة الوزارة -لأي سبب كان- في توظيفهم بعقود قانونية وإنسانية محترمة تكفل لهم أبسط حقوقهم الوظيفية، فحاولنا مراراً وتكراراً من طرحها بصورة طبيعية في مقالاتنا المتكررة وبشكل هادئ، قبل أن تتعقد الأمور أو تصل إلى ما وصلت إليه اليوم بفضل صمت سعادة وزير الصحة عن هذا الملف، حتى تحولت المشكلة إلى أزمة حقيقية. في تلكم الفترة تحديداً، لم نلق تفاعلاً واحداً إيجابياً أو حتى سلبياً من المسؤولين في وزارة الصحة، خصوصاً من قسم «إدارة التدريب»، وهو المعني الأول بهذه المشكلة، وكذلك ديوان الخدمة المدنية الذي ظل متفرجاً دون حراك.
حتى هذه اللحظة، لم نكن نرغب كصحافيين في البحرين لتحويل مشكلة بسيطة إلى قضية «رأي عام»، لكن من فعل ذلك هو وزير الصحة وطاقمه الإداري، وذلك حين سارعوا بطلب عقد مؤتمر صحافي مع الصحف البحرينية في محاولة «لترقيع» الطريقة التي سيتم بها توظيف الأطباء البحرينيين.
بما أن سعادة الوزير كان راغباً في أن يتحول هذا الملف إلى الرأي العام عبر الصحافة -وهذا ما قام به- يكون من اللازم ومن الواجب الأخلاقي والمهني للصحافيين الملمين بتفاصيل مشكلة التوظيف منذ ما يقارب العامين، أن يناقشوا ما قام بطرحه الوزير في ذلك المؤتمر، بشكل يفند كل ما جاء فيه من معلومات للرأي العام، وهذا أقل ما يمكن فعله تجاه شباب الوطن، ودفعاً وتأييداً صريحاً لتوجيهات سمو رئيس الوزراء في احتضان طاقاتنا البحرينية الشابة، وهذا ما سنقوم بعرضه في مقالنا القادم.

.. للحديث بقية