سمعنا استنكاراً وإدانة؛ لكن لم نسمع بمطالبة إنزال العقوبات التي تتناسب مع جرائم الإرهاب، العقوبات هي التي تنفذها أمريكا والتحالف الدولي في ملاحقة قادة الإرهاب بين الوديان والكثبان، أما قادة الإرهاب في البحرين الذين فلايزالون يدعمون الميليشيات وينفذون كل يوم عمليات إرهابية تتفجر فيها أحشاء رجال الأمن وتسيل دماؤهم الزكية على تراب البحرين.
ولابد أن نعود هنا وكلما طويت صفحة جريمة إرهابية كالعادة، لنذكر فيها من نسي أو تناسى، لكي يقف الجميع على أسباب استمرار عملية الاغتيالات ضد رجال الأمن، وكان بداية ذلك حين أسدل الستار على الجريمة البشعة التي قتل فيها أحد رجال الأمن، أحمد المريسي، والذي أزهقت روحه تحت عجلات سيارات الجيب التي كان يقودها الإرهابيون ذهاباً وإياباً وهو حي حتى حطمت جسده تحطيماً، ثم يجتمع حوله المجرمون فرحين! فهل نفذ القصاص في القتلة؟ هل نفذ القصاص على من كذب هذه الجريمة وقال إنها لا تعدو عن «دمية»؟
استنكار وإدانة فقط، ولا يعقبها تنفيذ أحكام فورية تكون عبرة لكل من تسول له نفسه، فلماذا لا تنفذ أحكام الإعدام الصادرة في حق الإرهابيين إلى الآن؟ وها هي التقارير تقول إن السلطة القضائية أصدرت أحكاماً بالإعدام بحق 9 بحرينيين في 10 قضايا إرهابية راح ضحيتها 17 من رجال الأمن، ومنها جريمة دهس أحمد المريسي، ومازالت أحكام الإعدام في أي منها غير قاطعة حتى الآن، عدا عن الإصابات الخطيرة التي بلغت 85 إصابة نتج عنها عجز جسماني بين 70-80%، وأكثر من 2300 إصابة متوسطة لرجال الأمن.
استنكار وإدانة لا تخرج عن كونها حبراً على ورق، استنكار تتلوه بيانات شعبية ومؤسسات مدنية وحتى الجمعيات الإرهابية والدول التي تدعم الإرهابيين في البحرين، بما فيها إيران والعراق، لأنها على يقين بأن استنكارها لن يسبب أي ضرر للإرهابيين، ثم بعدها يتم طي السجلات ويسكت الإعلام، ويهدأ المغردون وتعود الأمور وكأن شيئاً لم يكن، حتى تحدث عملية إرهابية أخرى فيعود السيناريو ذاته، وهكذا يستمر الإرهاب دون توقف منذ 2011، وذلك عندما اطمأن الإرهابيون ألا مشانق تتنظرهم ولا بنادق ستصوب إليهم، ولا منافع ستنقطع عنهم، بل هناك مستقبل باهر ومضمون لهم ولأبنائهم.
استنكار وإدانة لعمليات إرهابية لا تختلف عن العمليات الإرهابية التي تنفذها «داعش»، ولكن مع الأسف لا تصنف هذه الجماعات الإرهابية كما تم تصنيف «داعش»، وها هو اجتماع وزراء خارجية دول الخليج مع وزير خارجية الولايات المتحدة، والذي عقد في الدوحة في 3 أغسطس لم يدن الأعمال الإرهابية بحزم، وقد دعوا في نفس الاجتماع إلى دعم الحكومة العراقية للتصدي لـ»داعش»، بينما كان محور الاجتماع «التدخل الإيراني ودعم طهران للإرهاب وزعزعة استقرار البحرين»، بينما «داعش» في الحقيقة لا تتصدى له الحكومة العراقية وحدها، بل تصدى له تحالف دولي بأسطول من الطائرات والجيوش، بالرغم من أن «داعش» ليس له عنوان محدد ولا مقر معروف، فقصفت مناطق في العراق وسوريا تحت عنوان محاربة مجاميع إرهابية، بينما جماعات إرهابية مدعومة من إيران تتخذ لها مقار في البحرين، ويشارك قادتها في مؤتمرات داخلية وخارجية علنياً، إلا أنه لم تحرك ضدهم قضية، غير أولئك الذين يتم القبض عليهم، فيطلق سراح معظمهم ويدان بعضهم بأحكام لعدة سنوات قد تخفف لاحقاً، ومنهم من يحكم عليه بالإعدام دون تحديد تاريخه، فلذلك الاستنكار والإدانة لم تعد مجدية في دولة يأكلها الإرهاب، ثم نشاهد قادته يخرجون من السجون يكملون مخططهم في زعزعة أمن البلاد وترويع العباد.
وها هي الحكومة الإسبانية تشدد الإجراءات ضد الإرهاب بعد اعتداءات باريس، رغم أنه لم يمس أمنها، حيث أعلن وزير داخليتها «دياز» مناقشة القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، وتنص التعديلات على فرض عقوبات بالسجن على الأشخاص الذين يزورون مناطق «تحت سيطرة مجموعات إرهابية»، أو الانتماء إلى هذه المجموعة أو التعبير عن «التعاون» مع مثل هذه المنظمات، وإنشاء مدونة حول بيانات المسافرين جواً.. هذه بعض من الإجراءات للتصدي لإرهاب قد يكون محتملاً، فكيف إذا كان هناك إرهاب موجود بالفعل، فبالتأكيد لن تترك إسبانيا مجالاً للاستنكار والإدانة، ولن تنتظر التعاطف من المجتمع الدولي، لأنها ستبدأ باقتلاع رؤوس الإرهاب قبل اقتلاع رؤوس ميليشياته.
الاستنكار لا يكفي.. فالضحايا تضاعفت أعدادهم والإرهابيون قويت شوكتهم، ولابد من كسرها ولا يكسرها إلا النفس بالنفس والعين بالعين.. إنها عقوبة إلهية لا يستقر فيها أمن ولا يصنع فيها أمان دون تنفيذها.