قال لي: «هل قرأت مقال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في صحيفة السفير اللبنانية بعنوان (الجار ثم الدار)، الذي دعا فيه إلى تشكيل مجمع حواري إقليمي ومن ثم إسلامي يرتكز على جملة أهداف ومبادئ أبرزها؛ احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها، الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، تسوية الخلافات سلمياً، منع التهديد أو استخدام القوة، والسعي لإحلال السلام والاستقرار وتحقيق التقدم والسعادة في المنطقة»؟!.
قلت وأنا أقهقق من الضحك حتى كدت أستلقي على قفاي: «شر البلية ما يضحك»..
قال إيش الظريف، قال: «احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»!!
قالوا من زمان الأولون مستنكرين وساخرين من أمثال ظريف «اللي اختشوا ماتوا!».
من حقك عزيزي القارئ الكريم أن تتصور أن العبد الفقير يداعبك في هذا الصباح الباكر بنكتة على الريق، لتبدأ نهارك بالضحك، فنحن وسط فيض من ضجيج التناقض والمسخرة والتفاهة الذي يلوث عالمنا السياسي، وكل شيء في عالم التناقض جائز.
ما أدهشني في مقال ظريف أنه كان يكتب، وفيما يبدو، وهو رايق وجاد، يتضح ذلك من الفقرة التي قال فيها: «إن أولى أولويات إيران منذ البداية، هي أنها تنشد علاقات طيبة ووطيدة مع جيرانها، وهذا ما أعلن عنه بصراحة وتمت متابعته على الأخص منذ تشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة، وأن جولتي الإقليمية إلى ثلاث دول جارة هي الكويت وقطر والعراق مباشرة بعد حصول الاتفاق النووي التاريخي بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، إنما جاءت تأكيداً لهذه الاستراتيجية التي توليها السياسة الخارجية الإيرانية اهتمامها»!!
وهنا أريد أن أسأل وزير الخارجية الإيراني، وأتمنى أن يكون ضميرك لايزال حياً فيملي عليك أن تجيبني على سؤالي بصراحة؛ هل القرار الأخير الصادر من مرشدكم الأعلى علي خامنئي والمتضمن تعيين مجتبي حسيني ممثلاً ونائباً له بالعراق، للإشراف على تطبيق ولاية الفقيه في التشيع وتنفيذ خطط وأفكار خامنئي، يدخل من ضمن مفهومكم لـ «احترام سيادة ووحدة تراب جميع الدول واستقلالها السياسي وعدم انتهاك حدودها»؟!
انتظر لماذا جزعت من مجرد سؤال؟ ها نسيت، أن نقد خامنئي في إيران يعتبر «شرك بالله»، كما قال نائب مندوب المرشد الإيراني في الحرس الثوري عبدالله حاجي صادقي في إحدى خطبه.
طيب، لا تخاف لن أورطك في موضوع كهذا، ودعني أطرح السؤال بصياغة مختلفة، بشرط أن تتذكر أنك مازلت تحتاج إلى ضمير حي لتجيبني على سؤالي: هل قيام خامنئي بصفته القائد العام للقوات المسلحة بإرسال نحو 100 ألف جندي بقيادة قاسم سليماني، والدفع بعشرات الآلاف من ميليشيات «حزب اللات» بجانب الآلاف من مرتزقة العراق وأفغانستان وباكستان (وفق تقرير كشفت عنه صحيفة التايمز البريطانية) إلى سوريا، هو ما تقصده في مقالك بـ «الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى»؟!
سؤال أخير ولو أجبت عليه إجابة صريحة وصحيحة من الممكن وكما قلت في مقالك: « تحقيق تفاهم أفضل لدراسة وتسوية قضايا كالإرهاب والتطرف، ومنع نشوب حروب مذهبية وطائفية في المنطقة».
سؤالي هو؛ هل تدريب وتمويل شبكات إرهابية من جماعات محسوبة على الشيعة في البحرين، ومدهم بالسلاح والمتفجرات لتنفيذ أًعمال إرهابية لزعزعة الاستقرار في المملكة وخلق إرهاب شيعي أسوة بميليشيات الحوثي في اليمن، يدخل من ضمن مفهومكم لخلق علاقات طيبة ووطيدة مع جيران إيران؟!
لا أعتقد أن وزير خارجية ولي الفقيه سينشغل بالتفكير كثيراً في أسئلتي، فملالي إيران والذين تفوقوا في الكذب على مسيلمة الكذاب نفسه، لم يعد يزعجهم اهتراء وبؤس الكذب الذي يمارسوه، ولم يعودوا يهتموا حتى لتجويد وجبة الكذب التي يقدموها للعالم، ولا يحتاجون إلى مقياس لكشف الكذب، بل إنهم لم يعودوا محتاجين إلى إعادة إنتاج وتطوير وتغيير لغة الأكاذيب التي يستهلكوها، ما دام هناك قطعان من المهابيل والمغفلين تصدق وتختم بالعشرة على كل كذبة تصدر من ولي الفقيه دون حتى أن تتحقق منه!