من الجزائر نأتي بمثال عن كيفية تصرف السلطة الجزائرية مع المعارضين السياسيين؛ حيث منعت أحزاب المعارضة السياسية من عقد مؤتمر سياسي حول نظام الانتخابات ورفضت الترخيص لتكتل تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي بعقد المؤتمر في فندق وسط العاصمة الجزائرية، وذلك لمناقشة نظام الانتخابات في الجزائر وآليات تحقيق شفافية الانتخابات بحضور خبراء وإعلاميين جزائريين.
كذلك السودان التي صادرت جوازات سبعة من قادة المعارضة المعروفة بقوى «نداء السودان»، ومنعتهم من السفر إلى باريس للمشاركة في جلسة استماع ينظمها نواب البرلمان، وكثير هي الدول التي تتصدى للمعارضات وتمنعهم من ممارسة أي عمل سياسي يمس سيادة البلاد ويعرضها للخطر، بالرغم من أن هذه الدول لديها رؤساء وحكومات منتخبة، فهي لم ترث الحكم ولا الإمارة كابراً عن كابر كما هم رؤساء دول الخليج، الذين ورثوا الحكم في دولهم لأنهم هم من فتحوا هذه الدول وأسسوا حضاراتها، ولذلك فمن حق أي دولة أن تدافع عن هذه السيادة بحكم أن نظام الحكم في هذه الدول وراثي، ولا يخضع لأي شكل من أشكال أنظمة الحكم في العالم، وخاصة عندما تكون شعوب هذه الدول عربية تنتمي إليها دماً وعقيدة وتاريخاً.
المشكلة في هذه الدول الخليجية، وعلى سبيل المثال في البحرين، أن هناك مجموعات تشكلت وأسمت نفسها بالمعارضة، وهذه المجموعات توالي إيران في كل شيء، لكنها مع الأسف استطاعت أن تجد لنفسها مكاناً كبيراً في البحرين، وذلك عندما سمح لها أن تتمدد وأن يكون لها دور في السلطة، وأنيطت إليها المؤسسات التي استخدمتها لمصلحة التمدد الإيراني في البحرين، وكذلك هي الدول الخليجية التي تعمل هذه المجموعات فيها بطريقة غير علنية ولكنها تعمل بنفس الأسلوب والطريقة التي يتبعها نفس الخليط في البحرين، هذه المجموعات اليوم صارت لها مقرات وأماكن تعقد فيها مؤتمرات واجتماعات في الداخل والخارج لا يمنعها أحد ولا يعترض عليها.
إذاً أمن الدول فوق كل اعتبارات المجتمع الدولي وقوانينه وفوق كل مفاهيم الديمقراطية، لا نسمع عن تنفيذها بأسلوب غريب إلا في دول الخليج ومنها البحرين، حين تحولت تشكيلات خليطة إلى مؤسسة سياسية تتجاذب مع الدولة دفة الحكم، وتسعى إلى تقويض السلطة فيها، بالرغم من أن هذه السلطة ليست كالسلطة الجزائرية أو السودانية، سلطة أصيلة ممتدة منذ قرون ولها شعوبها المؤيدة لشرعيتها، شعوب ليس على امتداد الدولة وحدها، بل على امتداد الدول الخليجية التي يرفض حكامها وشعوبها أن يمس الحكم في أي منها، وقد رأينا كيف هبت هذه الشعوب بجيوشها لتقف لمساندة الشرعية في البحرين، كما تصدى الشعب نفسه لهذه المجموعات.
وبإمكان أي دولة في العالم أن تحافظ على أمنها واستقرارها، وذلك عندما تتصدى لأي مجموعة تحاول أن تصنع لنفسها مؤسسة تناطح سلطة البلاد، وللدولة الحق وكل الحق أن تتخذ أي إجراء كإسقاط الجنسية والنفي ومصادرات الجوازات وفرض الإقامة الجبرية، كما تفعل إيران في أبنائها الموالين لها، وذلك لبسط هيبة الدولة وتمكينها من سيادتها على كافة أطياف الشعب، وليس لأي دولة في العالم أن تحاسب أي دولة على إدارة شؤونها الداخلية، فالدولة لم تكتسب الحكم أو السلطة من المجتمع الدولي، خاصة في الدول الخليجية، حيث إن حكام هذه الدولة لم يصلوا إلى سدة الحكم بواسطة أمريكا أو فرنسا، كما وصل الخميني إلى حكم إيران بمساعدة أمريكا والدول الغربية، وكذلك هي الحكومة العراقية التي استلمت الحكم بواسطة أمريكا، فهذه الدول يمكن أن تسيرها أمريكا أو تتدخل في شؤون منظماتها، أما دول الخليج فالحكم فيها والسلطة حق ثابت لملوكها.
لذلك نتمنى من الدولة اليوم وهي في أوج سيادتها وقمة قوتها أن تتصدى لهذه المجموعات، وتتعامل معها كما تتعامل بقية دول العالم التي تتصدى حتى لمعارضات وطنية بالفعل، فكيف -بالله عليكم- مجموعات موالية لإيران، يخرج كل يوم علينا وجه منهم ليتحدث في شأن البحرين وآخر يجعل من نفسه وصياً على البحرين ويسمي شعب البحرين «شعبنا»؟!، وجوه ذات سمات غريبة يتقطر منها الخبث والكراهية ليس للبحرين فقط بل لدول الخليج العربي جميعها والدول العربية، وذلك لأنهم الأحذية التي تلبسهم إيران لتتمدد من خلالهم في عمق الأمة التي يبدأ مركزها من البحرين.