عندما أطلق معالي وزير الداخلية تصريحه في الأسبوع الأخير من شهر يوليو الماضي بشأن التدخلات الإيرانية المستمرة والسافرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، فقد تضمن هذا التصريح تأكيداً على أن الأولوية يجب أن تكون استنكاراً وطنياً وموقفاً بحرينياً صريحاً من خلال المؤسسات الوطنية، والعلماء والمشايخ الأفاضل والفعاليات الرسمية والأهلية، مشيراً إلى أن من يحرص على أمن البحرين وسيادتها، ومن يشارك في هذا الموقف الوطني السيادي هو جدير بالاحترام والتقدير من قبل الجميع، فقد كان من الطبيعي جداً أن تكون محافظة المحرق أم المدن وعنوان الوحدة الوطنية أول من يستجيب لهذا النداء الذي أطلقه أحد أبنائها البررة الذين تعتز وتفتخر بهم.
جاءت الاستجابة سريعة جداً فقد كانت قبائل وعوائل المحرق ومجالسها ومآتمها أول المستنكرين للتدخلات الإيرانية، إلا أن نادي المحرق العريق كان وكعادته في مثل هذه المواقف الوطنية لابد أن تكون له بصمة واضحة ومتميزة، وفي مبادرة وطنية أطلق النادي العريق فعالية تدشين وثيقة نادي المحرق الوطنية من أجل أن يسجل أبناء البحرين جميعاً موقفاً وطنياً صريحاً وقاطعاً برفض تصريحات الولي الفقيه وزمرته الحاقدة على البحرين، والتي تهدف لزعزعة السلم الأهلي من خلال نوايا طائفية بغيضة.
وقد شهدت هذه الفعالية منذ يومها نجاحاً مقطع النظير وحضوراً مميزاً من شرائح المجتمع البحريني وكانت هذه الفعالية تبعث برسائل عدة منها أن المحرق، كانت ومازالت وسوف تستمر بإذن الله تعالى، الحصن الحصين للوحدة الوطنية وهي الرئة التي تتنفس بها البحرين بل إنها مقلتها، وأن المحرق لاتزال تمارس دورها الوطني المتميز بكل جدارة واقتدار فهي منارة التعليم التي تشهد عليها مدرسة الهداية الخليفية وهي منارة الثقافة والأدب بما تضمه من أدباء وشعراء وفنانين ومراكز أدبية وثقافية، وهي موطن الرياضة البحرينية ولايزال نادي المحرق صرحاً شامخاً في هذا المجال.
الوثيقة الوطنية التي أطلقها نادي المحرق هي إنجاز وطني جديد يضاف إلى سلسلة إنجازات النادي الوطنية والرياضية وهي تعكس حرص مجلس إدارة النادي برئاسة الرجل المحنك والعاشق لوطنه الشيخ أحمد بن علي بن عبدالله آل خليفة على استمرار أن يقوم النادي بدوره الوطني على أكمل وجه، هذا الوطني الذي انتقده البعض بحجة أن الأندية لا تتعاطى الشؤون السياسية ومن يقول بهذا فهو مفلس، فالقانون واضح وصريح فالأندية لا تتدخل بالسياسة بالنسبة للشأن الداخلي ولكن حينما يكون الأمر ما يمس بالوطن العزيز فإن الأندية يجب أن تكون في طليعة الركب لأن منتسبيها يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع البحريني.
ومن تابع الأخبار والصور التي نشرتها الصحف عن وثيقة المحرق الوطنية فإنه بطبيعة الحال يدرك جيداً بأنها كانت متناغمة مع توجهات القيادة السياسية الحكيمة في معالجة أمور مكافحة الإرهاب الذي يتعرض له رجال الأمن البواسل، وكذلك إجراءات الحكومة في وقف التدخلات الإيرانية المستمرة، بل إن القيادة تبارك هذه الوثيقة، وما مشاركة معالي رئيس ديوان سمو رئيس الوزراء في التوقيع على الوثيقة برغم إنه محرقاوي أصيل؛ إلا أن هذه المشاركة هي رسالة واضحة بأنها تحظى بمباركة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر خاصة وأن بين سموه والمحرق حباً متبادلاً وتواصلاً لا ينقطع مع مرور السنين.
هذه المحرق التي عرفت اسمها في بيروت العروبة منذ أيام الدراسة فقد كانت مقترنة باسم البحرين أينما ذكرت مع الاحترام الكامل لكافة المدن البحرينية، إلا أننا في ذلك الوقت لا نعرف إلا المحرق، وقد كنت أتساءل حينها هل من المعقول بأن بلداً لا توجد فيه إلا مدينة واحدة فقط، وحينما جئت إلى البحرين عرفت المحرق وعرفت قيمتها التاريخية وطيبة أهلها وعشقتها.
تحية للمحرق وأهلها ولناديها العريق على هذه الوثيقة الوطنية.