وضعت القوانين لتنظم الممارسات المختلفة في أي دولة كانت، وهي توضع في الدول المتقدمة ديمقراطياً إثر حراك تشريعي وتوافق مع الدولة عبر سلطاتها في ما يخدم المصلحة العامة، ويعزز الأمن القومي والسلم الأهلي وينظم ويسهل حياة الناس ويحفظ حقوقهم.وعليه نحن نشيد بالضرورة بأي قرار تتخذه جهة مخولة بتطبيق القوانين، عبر تنفيذ النصوص واللوائح، وتطبيقها على الجميع بلا استثناء، في حال قيام أي جهة كانت بتجاوز القانون.بالتالي نشيد بقرار وزارة الإعلام بإيقاف إحدى الصحف بسبب رصد لمخالفات متكررة دخلت في إطار مس سيادة الدولة وعلاقاتها بالدول الصديقة. وهو قرار برغم أنه يطال صحيفة ما يعني أنه يطال الصحافة التي يكفل لها الدستور البحريني حرية العمل والتعبير، إلا أنه قرار يؤسس لعرف صحيح، يستوجب التأكيد عليه، وأن يطال كل من يتجاوز قوانين البلد، سواء أكانت هذه المؤسسة الصحافية أو تلك، بغض النظر عن اسمها.لكن بالحديث عن الحالة التي أمامنا، فإن تأويلات الشارع كثيرة بشأن أسباب الإيقاف، رغم أن الشواهد عديدة في شأن أسلوب التعاطي مع القضايا الوطنية وحتى الإقليمية، والتي طالما أثار استياء المخلصين للبحرين، خاصة حينما تشذ وسيلة إعلامية عن الخط الوطني العام للدولة، كما حصل بشأن التهديدات الإيرانية الصادر من المرشد الإيراني علي خامنئي مؤخراً تجاه البحرين، حينما شهدنا حالة تنديد واستنكار من قبل غالبية الشعب البحريني، وتعاطياً وطنياً مسؤولاً من وسائل الإعلام البحرينية باستثناء وسيلة واحدة لم تشر بحرف واحد أو تدين «مباشرة» وصراحة هذا التهديد الإيراني، رغم أن التهليل للاتفاق النووي الإيراني الأمريكي كان واضحاً على صفحاتها وطوال أيام متواصلة.كتبناها هنا قبل أيام، ونعيدها للتذكير، إذ لا دولة في العالم ستقبل بأن توجد وسيلة إعلامية تعمل داخلها ومنسوبة لهذه الدولة تتعاطى مع القضايا المعنية بالدولة وكأنها ضد للدولة، أغلب حراكها يستهدف الدولة ومؤسساتها ومسؤوليها، وسطور كتاباتها فيها من الغمز واللمز الكثير الذي يمكن تحليله بسهولة ويستشف منه رغبة جامحة في الإساءة حتى لقيادة الدولة ورموزها قبل شرائح مختلفة في الشارع.لو أردنا رصد أساليب التعاطي الغريب التي قامت بها الصحيفة المعنية، لأشرنا لمواد ومواضيع عديدة هدفها الأول والأخير مناهضة البحرين عبر مؤسساتها وقوانينها ونظامها، في المقابل هناك «تغاض» متعمد عن قضايا تمس أمن وسيادة البلد، وتلميع لكيان خارجي طامع بنا، ووصلت في الأيام الأخيرة لنشر أخبار بأساليب وطرق فيها إساءة واضحة لدول شقيقة على رأسها المملكة العربية السعودية من خلال أسلوب النشر وطريقة العرض وصياغة العناوين.يحسب لجلالة الملك ومشروعه الإصلاحي إطلاقه الحريات في مجال الصحافة والإعلام. وهناك وسائل معينة أساءت للبحرين ومشروعها الإصلاحي كثيراً، وبشكل يومي، ووصلت إلى مستوى تخوين المواطنين الموالين للدولة والنظام ورموز الحكم، ووصفهم باليهود والنصارى، واتهامهم بأنهم مدفوعي الأجر، دون جرأة يمتلكها موجه الاتهام بالإشارة لمن يدفعون ثمن هؤلاء المأجورين، وهو اتهام يقصد به قادة البلد، في وقاحة لا يمكن استيعاب صدورها إلا من عدو أو كاره للبلد أو عنصر خارجي، أو ممن ولاؤه للخارج، أو لأجندات معينة.لا يعقل أن تقوم وسيلة إعلامية بتعمد تهميش أخبار البلد المهمة، أو الانتقاص من أخبار القيادة، في حجمها ومضمونها وطريقة عرضها، في مقابل منح المساحات الشاسعة على الصفحات الأولى لعناصر اتهمت في قضايا تمس الأمن الوطني، وقضايا معنية بتشويه صورة البحرين في المحافل الخارجية، بل وفتح المجالات للتعليقات على المواضيع لدرجة إباحة شتم الوزارات السيادية والقضاء والوزراء والمسؤولين وحتى المكونات الأخرى من المجتمع. طبعاً للتنويه بعض المواضيع الحساسة التي تتضمن تصريحات للقيادة وبعض مسؤولي ووزراء الوزارات السيادية يحرص ألا تمنح فرصة للتعليقات تحسباً لأن ينضح إناء جمهورها بحقيقة ما فيه، رغم أن التعليقات على المواضيع المعنية بإيران تكشف الكثير خاصة أن يتجه الولاء الحقيقي.هل نحن مع تقييد حرية الرأي؟! طبعاً لا وألف لا، فنحن أهل صحافة أيضاً، لكن هناك فرق بين حرية التعبير، وحرية التطاول، وما نراه يومياً ويتم رصده، لا يمكن وصفه بحرية تعبير، لأنه أولاً لا يوازي بين الكفتين، هو يغلب كفة المعارضين وأيضاً المحرضين والمحكومين في قضايا أمنية، بل ويبرز صورة مغايرة للعمليات الإرهابية، ويبرز كل تصريحات خارجية مسيئة للبحرين، بل التعاطي يخدم أجندة معينة لا يمكن وصفها بأنها أجندة وطنية.هذا الإعلام الذي وصف إخلاء دوار الانقلاب بأنه «اقتحام» وكأنه ليس من حق الدولة فرض الأمن وتطبيق القانون، هذا الإعلام الذي لم ينتقد إيران بحرف، هذا الإعلام الذي فبرك وزور في الأخبار وقت الأزمة ليشوه صورة البحرين ويومها أوقف ليوم واحد وأعيد بهدف «منحه فرصة» ثانية «نعرف القصة وتفاصيلها تماماً»، هذا الإعلام الذي تلاعب بقصد في عناوين أخبار وأحداث معنية بالمملكة العربية السعودية، بأسلوب لا يتعامل به إلا الإعلام الإيراني الذي يستهدف شقيقتنا الكبرى، هذا الإعلام لا يمارس حرية رأي بقدر ما يقدم خدمات لفئات وجماعات لديها أهداف مسيئة للبلد. وعليه من سيتباكى على حرية الرأي فليجب الناس أولاً عن سبب «الخرس» بشأن موضوع التهديدات الإيرانية، خاصة وأنها قضية تمس أمن البحرين واستاء منها كل وطني مخلص.ورغم ذلك، فإننا نقول بضرورة تطبيق القوانين دون أي تلكؤ، وعلى كل من يتجاوزها، سواء أكانت صحيفة شغلها الشاغل الإساءة للبحرين، أو صحيفة وطنية إن جاء منها ما يخالف القانون.لن نطيل هنا، ولن نسهب، ولن نذكر عديداً من الشواهد التي بإمكاننا تحليلها وشرح مضامينها ودوافعها، وإقرانها بالمواقف والأقوال، رغم أن ما يمكن كشفه يندى له الجبين، ولو كان في دولة أخرى لكان هناك إجراء آخر أشد صرامة. بيد أننا نقول إن لـ»الصبر حدود»، رغم أن تجاوز القانون عقوباته واضحة ولا يجوز معها الصبر، وسكوت أجهزة الدولة المعنية عن تجاوزات وتطاولات عديدة مست البحرين وعلاقاتها بالأشقاء والجيران أوصل متجاوزي القانون لحالات تطاول سافرة، بل إلى تحد صريح للدولة وقانونها. ولعل السكوت كان رغبة في أن يعود البعض إلى رشده، وألا تأخذه العزة بالإثم ليتطاول أكثر على دولة ترحمت به كثيراً.