ما حدث خلال الأسبوعين الماضيين هو أن أولئك الذين لايزالون دون القدرة على قراءة الواقع واستيعابه بذلوا كل طاقاتهم لشحن العامة أملاً في أن يزحفوا نحو الموقع الذي احتوى ذات يوم دوار مجلس التعاون، والذي صار نسياً منسياً. لم يبق إلا يومان ليقوموا بتلك الخطوة المثيرة للكثير من التساؤلات عن عقلية الفريق الذي يقف وراء هذه المجموعة التي تقسم الجمعيات السياسية المرخصة بأغلظ الأيمان بأنها ليست معها وضدها، رغم سكوتها عنها ورغم عدم اتخاذها موقفاً واضحاً وصريحاً منها.
يومان فقط يفصلان العالم عن موعد «الفشل الجديد» الذي ستذوقه هذه المجموعة التي اختارت يوم الرابع عشر من أغسطس لتنفيذ هذه الفعالية المراد منها أمور أخرى «وهذا يكشف مستوى تفكير من يقف وراء هذه المجموعة التي من المثير أنها تنطق باسم المعارضة وتظل محسوبة عليها».
كل «العمليات» التي تم تنفيذها في الأسبوعين الماضيين اعتبرتها تلك المجموعة «تأهباً» لذلك اليوم واستعداداً «بالبحريني تصخينا»، رغم تيقنها من أن أحداً لن يتمكن من الوصول إلى الموقع المتفق عليه، حيث ستمنع قوات الأمن كل من سيحاول التوجه إلى هناك وستفشل كل تحرك يرمي إلى نشر الفوضى وتعطيل حياة الناس، فهذا دور وزارة الداخلية التي ستكون مقصرة لو أنها لم تقم به على أتم وجه، فهي مسؤولة عن أمن الجميع ولا يمكنها أن تسمح بأن يؤثر فعل مجموعة أياً كانت مبرراتها ومستوى عقليتها على الجميع.
ليست هذه المرة الأولى التي تقرر فيها هذه المجموعة القيام بهذا العمل «معدوم الفائدة»، ولن يكون الأخير الذي «ستفشل فيه»، وهذا يكشف عن أمرين مهمين؛ الأول هو أن وزارة الداخلية تمكنت خلال الفترة الماضية من الارتقاء بقدرات منسوبيها المكلفين بحفظ الأمن ومنع كل نشاط سالب بجهد أقل ومن دون التأثير على إيقاع الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين والزائرين، والثاني هو أن من يحرك هذه المجموعة ويوجهها للقيام بهذا النشاط الذي يبدو أنه معدوم الفائدة يرمي إلى أمور أخرى مختلفة تماماً عن ظاهر الفعل، فالهدف من الإصرار على التوجه إلى ذلك المكان يبدو الآن أكثر وضوحاً وهو توصيل رسالة ملخصها أنهم لن يتراجعوا ولن يهدؤوا ولن ينسوا وأنهم مستمرون في «نضالهم»، وأن من يقف وراء تلك المجموعة يعلم جيداً أنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى الموقع الذي اختاروه، وأن غايتهم هي توفير الأسباب التي تعين وسائل الإعلام والتواصل المتعاطفة معهم والمساندة لهم في الداخل والخارج على مواصلة عملها والإساءة إلى البحرين.
هذا استنتاج ينبغي أن يجد من يهتم به، فالمجموعة التي أثبتت بالتجربة أن مستواها محدود وتعاني من فقر في خبرتها السياسية ومع هذا تقوم بهذا العمل من أجل تحقيق مثل هذه الغاية يعني أنها ليست إلا أداة منفذة، وأن هناك من يقف وراءها ويخطط لها ويدعمها ويستند إلى تجربة ثرية يعرف بسببها أن هذه المجموعة لن تتمكن من الوصول إلى حيث كان الدوار ذات يوم، وأنه يريد تحقيق غايات وأهداف أخرى إعلامية بالدرجة الأولى، فتصوير مكان قريب من ذلك المكان يتحرك فيه عدد من الصبية الملثمين يحملون الحجارة وزجاجات المولوتوف وسط دخان إطارات السيارات التي يتم إشعال النيران فيها ودخان مسيلات الدموع وتواجد سيارة للأمن العام يكفي لتوصيل تلك الرسالة وتوفير خبر يتم اجتراره من قبل الفضائيات السوسة لأسبوعين على الأقل، ويستضيفون بسببه كل من لديه القدرة على توجيه الشتائم والسباب لـ«وطنه» من الخارج والداخل.
مثل هذا التفكير لا يتوفر لدى هذه المجموعة، وهذا يؤكد أنها ليست سوى أداة مهمتها توفير الظروف والأسباب التي تعين من يقف وراءها كي يخطط ويضع الأهداف والغايات ويستفيد من النتائج.