لا يعنيني «تفهم» الولايات المتحدة الأمريكية لحقوقي الأمنية ولا أنتظر كلمة يطلقها أوباما أو كيري أو أي مسؤول أمريكي كي يطمئن قلبي حين يتعلق الأمر بالأمن الوطني البحريني، فتلك تصريحات ومواقف متقلبة وفقاً للمصالح، هو ذات الرئيس الذي باع البحرين في 2011 وهو ذات الرئيس الذي قال البحرين حليف استراتيجي في 2015 ولن أستغرب أن يبيعها غداً.
كما لا تقلقني التصريحات الإيرانية التي تدخلت في الشأن البحريني، فكلها تعتمد فقط على طابورها الخامس، إيران لن تجازف بالتدخل المباشر، لا أخشى صواريخها أو بحريتها أو مشاتها أو كتيبة مدافعها، بل تعتمد إيران على كتيبة الخدم الذين يعدون الرئيس الإيراني معصوماً من الخطأ ويعدونه الأب الروحي لهم، حتى هؤلاء لا يقلقونني، أقلق في حالة واحدة فقط، إن كانت الدولة لم تدرك بعد أن أمنها وسلامتها واستقرارها في يدها هي لا في يد أمريكا ولا في يد إيران ولا حتى هو مرهون بتوبة هؤلاء أو تراجعهم أو صحوتهم.
أقلق إذا كانت الدولة لم تعد العدة ولم تستعد ولم تتهيأ -هي لا أحد غيرها- باستراتيجية شاملة لتأمين مستقبل البحرين ضد مخاطر الإرهاب، وشاملة بمعنى تضمن سد منافذ ومنابع تسرب التدخل الإيراني وتجفيف البيئة الحاضنة والمربية والداعمة والمشجعة لنمو الجيل الرابع من الإرهابيين.
أقلق إن كان بعض من في الدولة مازال لديه أمل ويظل متكلاً فقط على أن تفهم أمريكا لاحتياجاتنا هو الذي سيقينا شرور الإرهاب، وأن إيران ربما يوماً ما تتراجع عن مشروعها التوسعي وحلمها الفارسي «أعجبني تصريح الجبير بأن العلاقات الخليجية الإيرانية مرهونة بسلوك إيران، السعودية إذاً لا تعطي الحب والصداقة والأخوة مجاناً، إنما تعمل ضمن سياسة سلم واستلم، حسن سلوكك ومن ثم تعود العلاقة».
أقلق في هذه الحالة فقط، أي في حالة انتظار دعم خارجي أو تفهم خارجي أو وعي خارجي.
أقلق إذا كنا ومازلنا نعتقد أن منافذ الإرهاب هي المنافذ الحدودية الجغرافية، أي ما يأتينا من الخارج من عمليات تهريب السلاح أو المتفجرات، في حين أن منافذ الإرهاب عندنا في عقر دارنا وأقلق إن لم يكن لدى الدولة برنامج لسد هذه المنافذ.
أقلق حين أرى استهانة قانونية بالبيئة الحاضنة للإرهاب الداعم والممجد والمحرض والحامي والمتفهم للإرهاب، أقلق حين أرى «أملاً» مازال موجوداً في من خذلنا مرات ومرات والمرة تلو المرة وعلى مدى خمسة عشر عاماً، أقلق حين أرى أن هناك عدم استيعاب كاف وعدم إدراك كاف لكافة جوانب مشروع «إسقاط الدولة» الذي يسير على ذات الخطى من 1980 إلى اليوم وبذات الوجوه بذات الأشخاص.
أقلق إن كنا ننخدع بالقول وننخدع بالمظهر وننخدع بـ«الستايل» وننخدع بالوعود» أقلق حين أراك تكتفي بالتصريحات وبالخطاب وعدم مطابقتها مع الممارسات.
أقلق إن لمست أن الدولة تظن أو تعتقد أن خياراتها محدودة أو أرى مبادراتها ساذجة لا تستقيم مع حجم التهديدات والمخاطر وعمقها.
أقلق إن كنا نعتقد أن وزارة الداخلية هي الوزارة المعنية وحدها بحفظ الأمن وأكتفي بإعطاء «توجيهات» لبقية الوزارات أن تعمل على سد منافذ الإرهاب ولا تكون لديها استراتيجية شاملة وأجلس من أجلها مع كل الوزارات وأسألها ماذا لديك من برامج وخطط لسد منافذ الإرهاب؟
أقلق حين أرى أكثر من خطاب وأكثر من خط وأحياناً خطوطاً متناقضة بين وزارات الدولة ومنها وزارات سيادية.
باختصار مصادر قلقي محلية ذاتية لا تقلل منها تطمينات أمريكية ولا تصريحات إيرانية إيجابية ولا مقالات تدعي «البحرينية»!