ما يعتزم البعض القليل القيام به يوم غد الجمعة فرصة مثالية للقائلين بأنهم يسعون لتبريد الساحة وتهدئة الأوضاع سواء من المنتمين إلى الجمعيات السياسية أو رجال الدين وكل من يعتبر نفسه معارضة، فليس أفضل من هذه فرصة يثبتون من خلالها أنهم مؤمنون بما يقولون وأنهم قادرون على فعل شيء إيجابي يخدم الوطن. كل ما عليهم أن يفعلوه هو إقناع ذلك البعض -الذي يسعى إلى إحداث الفوضى ويريد الذهاب إلى حيث كان يقبع ذات يوم ذلك الدوار فقط ليقول إنه وصل إليه أو إلى مشارفه- بالتراجع عن هذا الأمر وإفهامه بأن هذا الذي يقوم به خطأ ويسيء إلى «المعارضة» والناس ويعطل كل حل ممكن.
لو قاموا بهذا لأثبتوا بالفعل أنهم يريدون أن يغلقوا هذا الملف ويساهموا مع الآخرين في إخراج البلاد من هذا المأزق ليعود الناس إلى حياتهم الطبيعية من جديد. ليس هذا فقط، فهم لو تمكنوا من هذا لأثبتوا أنهم الأقدر على اتخاذ القرار وأنهم هم الذين يقودون الشارع وليس ذلك البعض الذي من الواضح أنه يفتقر إلى الكثير الذي يمكن أن يعينه على السير في طريق «النضال» وسلم قياده للخارج.
هي فرصة ذهبية سانحة ينبغي أن تستغل من قبل الجمعيات السياسية لأنها بهذا الفعل الموجب ستوفر مثالاً عملياً ملخصه أنها ضد العنف وضد كل فكرة طائشة يتضرر منها الوطن وأنها لا توافق على هذا الذي يقوم به ذلك البعض الذي يرفع الشعارات العاطفية ويراهن على ما يخسره، وأنها تتحمل مسؤولياتها في هذا الظرف الصعب الذي تمر به المنطقة وتتعرض بها البلاد بسبب ذلك للكثير من المخاطر.
ليس أفضل من هذه فرصة أيضاً لوضع حد لأولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج ولا عمل لهم سوى تحريض العامة ومتابعة ما يحدث لهم من بعيد وهم مرتاحو البال لأن أبناءهم في مأمن ولأنهم بعيدون عن الأذى.
الفرصة المتاحة ملخصها أن عزم ذلك البعض تنفيذ ما روج له في الأسبوعين الماضيين وشحن العامة من أجله وسخر له إعلامه يجب أن تستغله الجمعيات السياسية بشكل خاص لتفرض نفسها على الساحة من جديد وتضع حداً لهذا العبث الذي لا طائل من ورائه ولا يخدم إلا الأجنبي الذي يريد السوء بهذا الوطن ولتثبت أن ذلك البعض ليس جزءاً منها ولا يمثلها ولا يعبر عنها وأنها غير راضية بما يقوم به وغير راضية عن داعميه في الخارج ومسخري أجهزتهم الإعلامية لمصلحته.
لم يعد مقبولاً من الجمعيات السياسية الاستمرار في موقفها السالب والاكتفاء بإصدار البيانات التي لا قيمة لها، والأجدى من إصدار بيان يرفض فيه أو يتحفظ على قرار صادر عن الدولة كالتوقيف المؤقت لإحدى الصحف هو أن يوفر مثالاً على أنه لا يقبل بما يقوم به ذلك البعض فيستغل الفرصة الذهبية هذه ويؤكد أنه ضد نشر أعمال الفوضى وضد التخريب وضد الدخول في مواجهات مع رجال الأمن المكلفين بتوفير الأمن للجميع.
لم يعد مقبولاً ولا مناسباً تفرج الجمعيات السياسية من بعيد على ما يقوم به ذلك البعض وكأن الأمر لا يعنيها، فليس معقولاً أن تقبل «المعارضة» بهذا الذي يعتزم ذلك البعض القيام به غداً لأن فيه إضرار بالوطن وبالأمن وبسلامة الناس، فالسكوت هنا يسيء إليها ويقلل من شأنها ويظهرها في مظهر الضعيف، خصوصاً وأنه لا ينفع مع هذا إصدار بيان شجب أو تنديد أو رفض أو تعبير عن أسف، ولا ينفع الاكتفاء بالقول والحوقلة.
الفرصة سانحة وليس على الجمعيات السياسية وكل من يعتبر نفسه معارضة أو صاحب رأي سوى الاستفادة منها بمنع ذلك البعض من القيام بذلك الفعل البائس.