من البديهي جداً أن يكون «الناس أعداء ما جهلوا»، فمن كثر جهله قلت معرفته، ومن قلت معرفته سقط في مستنقع الخديعة، وعليه ليس هنالك أفضل من العلم والمعرفة والإلمام بسنن الحياة وكل القيم والقوانين التي تسير وتنظم وجود الإنسان، فالجاهل لا مكانة له في عصر التنوير والقراءة.
من المؤكد أن اللصوصية والغش والخداع والفساد لن ينتهوا بانتهاء الجهل، لكن من المؤكد أن نسبهم سوف تتقلص للحدود الدنيا، لأن المجتمع الذي يقرأ ولديه إلمام بالقوانين الوضعية بشكل عام، لا يمكن أن يخدعه اللصوص، حتى وإن كانت في شكل شركات أو حتى أشخاص يلبسون ربطة العنق، أو يعتمرون العمامة الدينية.
إن أكثر مشاكل المواطنين في محاكمنا اليوم، هي تلك التي لها علاقة بخداع المعاملات من طرف بعض المؤسسات الأهلية وحتى الشركات التي يملكها بعض المستثمرين، فالمستهلك أو المواطن العادي، لا يجوز له أن يمضي على أوراق دون قراءة محتواها أو الاطلاع على البنود والأحكام التي وردت فيها، وإلا حين يقوم بهذا الفعل القاصر، فإن كل محاولات الاحتكام إلى القانون لن تجديه نفعاً، من باب «القانون لا يحمي المغفلين».
نصيحتنا لكل المواطنين قبل أن يمضوا على أي عقد أمامهم أن يقرؤوه جيداً، من أجل تجنب أي مساءلة قانونية في حال أخل أحدهم بشرط من الشروط، وحتى لا يقعوا فريسة صياغة قانون لا يصب محتواه في مصلحتهم، فالخدع القانونية أكثر من أن تحصى في زمن يترجل فيه رجل القانون اليوم من على صهوة جواده ليصيغ للشركات والمؤسسات التجارية قوانين خادعة تنهب وعي الناس وجيوبهم من أجل أن تمتلئ جيوبه بأموال تلكم الشركات ولو بالخدع القانونية!
من جهة أخرى يجب على كل من يريد أن يعمل في مؤسسة من المؤسسات التجارية أو غيرها وقبل أن يقوم بالإمضاء على أوراق العقد، لابد له أن يقرأ الشروط والأحكام بصورة جيدة لمعرفة حقوقه وواجباته، ومن يرى أثناء عمله بأن الشركات لا تلتزم بأبسط قواعد تلكم الشروط والأحكام، فعليه مقاضاتها.
اليوم، هنالك الكثير من الحيل القانونية، تدفع غالبية الشركات الملايين من الدنانير لأجلها كل شهر للمكاتب الاستشارية والقانونية لخداع الناس ونهب أموالهم تحت مسمى القانون، ولهذا من يجهل هذه القوانين أو لم يقرأها أصلاً، فإنه سيسقط في وحل الخديعة والسرقة تحت ذريعة القانون.
المطلوب من الدولة ومن حماية المستهلك تحديداً إرشاد الجمهور نحو أهمية هذه المسائل، كما يجب أن تقوم الجهات المختصة والقانونية، سواء في وزارة التجارة أو وزارة العمل أو أية جهة أخرى من إبطال الكثير من القوانين التي تصممها الشركات وفق مقاسها الربحي غير الشرعي، ومن أجل حماية أموال الناس، تلكم الأموال التي يسيل لها لعاب شركات النصب والاحتيال حتى لو أتتهم من الحرام البين.