التسبب في أذى الناس إرهاب وإن لم يؤد إلى القتل، فالإرهاب لا يقتصر على تفجير سيارة مفخخة أو إنسان مفخخ في شارع أو مسجد أو سوق أو أي مكان وينتج ضحايا من الأبرياء، يكفي أن تؤثر على حياة الأفراد أو المجتمع بالسلب عبر فعل ملخصه التخويف وزعزعة الاستقرار ليقال إنك إرهابي، فكل فعل يدخل في باب الاعتداء على الآخر بالقوة هو فعل إرهاب يقوم به إرهابي.
من هذا المنطلق يمكن القول إن الفعل الذي يهدد البعض القيام به في هذا اليوم والمتمثل في التوجه إلى حيث كان ذلك الدوار وبعناد يقترب من عناد الصغار -أياً كانت مبرراته- هو فعل إرهابي وإن الذين سيقومون به يسهل أن يطلق عليهم اسم إرهابيين لأن هذا الفعل سيؤدي إلى إحداث فوضى يتضرر منها الناس والوطن وقد ينتج ضحايا من الأبرياء، فالتخريب إرهاب، وممارسة أعمال العنف إرهاب، والسعي لزعزعة الأمن والاستقرار إرهاب، والإصرار على القيام بهذا الفعل الذي هو في كل الأحوال مخالف للقانون إرهاب.
ليس هذا فقط وإنما السكوت عن هذا الفعل يدخل بصورة أو بأخرى في باب الإرهاب أيضاً ويسهل وصف الساكت عنه بأنه إرهابي لأنه يعتبر شريكاً فيه، قبل بهذا أم لم يقبل، كما إن النهي عنه والوقوف في وجهه ومنع من يعتزم القيام به ليس فرض كفاية، إن قام به البعض سقط عن الآخرين، ولكنه واجب، خصوصاً في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد وهذه الأحداث التي تمر بها المنطقة.
الممارسة التي تفتح باباً للإرهاب تعتبر من حيث المنطق إرهاباً ويعتبر ممارسوها إرهابيين. ليس من العقل أن يوفر هؤلاء الذين يعتزمون القيام بما توعدوا به في هذا اليوم الفرصة للإرهابيين للقيام بعمل إرهابي ما ثم لا يقال عنهم إنهم إرهابيون، فمن يضمن ألا يتسلل إرهابي إلى المجموعة التي تريد أن تقوم بذلك العمل ويفجر نفسه فيهم أو في مكان قريب من الذي يتواجدون فيه؟ ومن يضمن أن ينتهي اليوم على خير من دون أن يتسببوا في أذى الآخرين؟ ومن يضمن ألا يكون لهذا الفعل في هذا اليوم تبعات تأتي لاحقاً؟
الظرف الذي تمر به المنطقة ظرف استثنائي وشرس، ولو كان ما يسعى إليه أولئك في هذا اليوم يتم في ظروف غير هذه التي نمر بها ونعيشها لما كانت هناك مشكلة، أو على الأقل لم تكن المشكلة كبيرة، ولكن الإصرار على القيام بهذه الممارسة في مثل هذا الوضع لا يمكن إلا أن يدرج تحت عنوان الإرهاب، ولا يمكن وصف من سيقوم به غير أنه إرهابي ومخرب وله مآرب لا يمكن السكوت عنها لا من المعنيين بالأمن ولا من الناس مواطنين ومقيمين حيث المسؤولية مسؤولية الجميع من دون استثناء.
بالتأكيد لن يسمح المسؤولون عن الأمن في هذه البلاد بتنفيذ ما يتوعد به أولئك وما شحنوا العامة من أجله خلال الأسابيع الماضية، والمفروض ألا يسمح الناس لهم بالتمادي في هذا السلوك الإرهابي لأن ضرره سيقع عليهم، لكن ليست كل القصة هنا، ذلك أن من يعتزم القيام بهذا الفعل لن يعدم سبباً ومناسبة لإعادة المحاولة مرات ومرات وهو من دون شك يستفيد من سلوك الصمت الذي يعيشه للأسف كثيرون، مواطنون ومقيمون، وكأن الأمر لا يعنيهم، وتعيشه بالطبع الجمعيات السياسية كلها بما فيها تلك التي تعتبر بشكل أو بآخر خارج إطار «المعارضة».
ما يعتزم أولئك القيام به في هذا اليوم إرهاب، وسكوت المواطنين والمقيمين عنه إرهاب أيضاً، فالساكت عن الإرهاب إرهابي أخرس.