شباب لم تحطمه الليالي ولم يُسلم إلى الخصم العرينا
ولم تشهدهم الأقداح يوماً وقد ملأوا نواديهم مجونا
وما عرفوا الأغاني مائعات لوكن العلا صيغت لحونا
كثر في السنوات الأخيرة الاهتمام بالشباب من جانب الفعاليات والأنشطة والبرامج من أغلب المؤسسات والهيئات الإعلامية والثقافية وغيرها من مؤسسات وطنية، وهاهو اليوم يحتفل بيوم الشباب الدولي، وقد نرى فيه من يطالب الدولة بتمكين الشباب سياسياً واقتصادياً، كما اهتمت بعض الجمعيات السياسية وخاصة تلك التي منها قادت المؤامرة الانقلابية واهتمت بالجانب الشبابي ودفعت به بقوة في ممارسة السياسة بالطبع السلبية والمضادة للدولة تحت عدد من المسميات، كما تم الدفع بالشباب في الجامعات لتأسيس مجالس طلبة واتحادات، هذا التوجه الذي لا نراه يحدث في الدول الغربية ولا الآسيوية كما يحدث بالأخص في البحرين، وذلك عندما يكون الناتج شباباً يستخدم للإطاحة بالنظام، وشباباً ينخرط في الفعاليات والمسابقات حاله حال برامج «ركن الأطفال» لا يخرج من هذه الفعاليات بشيء غير ترفيه ووناسة، وإن كانت هناك الفعاليات الطيبة.
ولا شك أن الشباب هم نواة الحاضر وشعلة المستقبل، ولكن إذا ما سخر هذا الشباب مقدراته العقلية والجسدية في خدمة الوطن، ففي الشباب يكون ذروة العطاء، ونتحدث هنا عن الدور الإيجابي للشباب، وخير مثال ما ذكر عنهم في القرآن كيف كانت قصصهم ومواقفهم بدءاً من سورة الكهف التي تروي قصة الفتية الذين آمنوا بربهم، وقصة يوسف كيف كان فتى ذو قوة وعزيمة في مقاومة أمرأة ذات منصب وجمال، وفي إبراهيم الذي كان فتى أبى أن يعبد ما يعبد آباؤه، وكذلك هو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي اهتم في تربية الشباب منذ الطفولة، فها هو الحديث الشريف إذ قال لابن عباس رضي الله عنهما «يا غلام إني أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده اتجاهك...»، وكثير من الأحاديث التي فيها يستدل على اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام في تربية الشباب وإناطة إليهم المسؤوليات حين يتأكد من قدراتهم وقوة شخصيتهم، فهاهو إسامة بن زيد يتولى قيادة الجيش وهو ابن السابعة عشرة.
ولكن ما يحدث اليوم في دول الخليج بالأخص، أن الشباب يتم مع الأسف إهدار طاقات الشباب فيما لا ينفعهم ولا ينفع أوطانهم وأمتهم، فاستطاع أعداؤهم أن يوظفوا طاقاتهم لنشر الفساد والفوضى، كما حدث في ثورة مصر الأولى الذين تم تجنيدهم من قبل أمريكا وإسرائيل وإيران، وكذلك ما يحدث في اليمن اليوم ما هو إلا نتيجة حركة شبابية تم تأسيسها من قبل إيران تحت اسم «حركة الشباب المؤمن» التي وصلت حتى مرحلة الدويلة، ثم انقلبت على الدولة وأطاحت بعاصمتها، كذلك بالنسبة للتنظيمات الإرهابية التي تعتمد على الشباب من ذوي العقول الساذجة، التي يسهل قيادتهم، وذلك عندما غابت عن هذه الدولة المستهدفة احتواء الشباب ليس ببرامج وفعاليات وإنشطة ومؤتمرات ومنتديات، وإنما بغرس روح الجد والمثابرة والالتزام وتعلم أصول الدين والتوحيد الذي جعل طاعة ولي الأمور واجبة على المسلمين، وهاهو محمد بن سيرين قال: كان أبو بكر وعمر يعلمان الرجل إذا دخل الإسلام فيقولان له :»تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتصلي الصلاة التي افترضها الله عليك لميقاتها، فإن في تفريطها الهلكة، وتؤدي الزكاة طيبة بها نفسك، وتصوم رمضان، وتسمع وتطيع لمن ولاه الله الأمر على المسلمين ..»، هذه الأحاديث التي شطبت من حتى المناهج الدراسية، كما لم نسمع أن هناك فعالية من المؤسسات الوطنية التي ترصد عشرات الملايين للثقافة والأنشطة الشبابية، أجمعت الشباب على التذاكر في أمور الدين لتعلمهم كيف يمكن من خلاله التمكين، وكيف يعلو شأن أمتهم إذا ماتمسكوا بالأخلاق وعبدوا الله حق عبادته وامتثلوا لطاعة ولي أمرهم، وتبيان عقوبة الخروج على طاعته».
نعم إن اليوم شباب الأمة مستهدف من أعدائه، ومع الأسف دول الإسلام تقدم أبناءها لقمة سهلة إليهم، وذلك عندما أفهمتهم أن طاقة الشباب هو ممارسة الهوايات والشعر والمسابقة في التمثيل والأصوات الجميلة والمؤتمرات والحفلات، وجانب آخر يستقويهم بشعارات ويمنيهم بتمكين سياسي واقتصادي ، دون أن يدفع الشباب إلى السباق في الرزق والمنافسة الشريفة والتحمل والشدة، وعدم الاستسلام للفشل والإحباط الذي نرى اليوم يستخدمه حتى من نظن بهم خيراً، بالتحريض من خلاله، دون الرجوع إلى أساس المشكلة، عندما يكون هذا الشاب هو المسؤول عن إعانة نفسه وأن يتحمل الصعاب والعمل، وذلك كما تحملها حتى الأنبياء والرسل في طلب رزقهم، وهانحن نرى طاقة شابة جاءت من الهند والسند ومن كافة دول العالم، ووجدت رزقها في البحرين عندما اشتغلت بكل مسموح ومتاح، وعافت الجمود والكسل والخمول الذي نتج عنه بعض من الشباب المتذمر الذي يبحث عن مهنة تناسب مؤهله حتى لو لم تأتِ إلا بعد عشر سنوات، أو قد لا تأتي، في الوقت الذي نرى شباباً هناك متحمساً لا يقبل على نفسه الكسل والاتكال على والديه ويشق طريقه، فإذا بالله يوفقه ويبارك له، ويفتح له أبواب الرزق من كل مكان.