السؤال الذي يشاغب مواطني دول مجلس التعاون والمقيمين فيها بعد إعلان الداخلية الكويتية عن اكتشاف ترسانة الأسلحة في إحدى المزارع وتزايد أخبار كشف الجهات المعنية بدول التعاون عن اكتشاف خلايا إرهابية هو؛ ماذا عن الذي لم تتمكن تلك الجهات من اكتشافه بعد؟ ما حجمه وما هي أنواعه، وكيف تم تهريبه إلى الداخل؟ كيف يحدث كل هذا بينما العالم كله يعلم أن التعاون بين الأجهزة الأمنية بين الدول العربية وبين دول مجلس التعاون بعضها البعض هو المجال الأكثر نجاحاً في التعاون؟ كيف يحدث كل هذا والدول العربية إجمالاً ودول التعاون على وجه الخصوص لديها أجهزة أمنية تتطور باستمرار؟
من الطبيعي أن ما تم اكتشافه أخيراً في الكويت سيحفز الأجهزة الأمنية في كل دول التعاون كي تبذل أقصى الجهد وتزيد من حجم التعاون فيما بينها، والأمر نفسه مع ما تم اكتشافه في غيرها من دول التعاون، ويكفي مثالاً على هذا الاتصال الأخير الذي تم بين معالي وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة ومعالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة الكويت الشيخ محمد الخالد الصباح، والذي أكدا خلاله على أن البلدين يقفان في خندق واحد للتصدي للأعمال الإرهابية والإجرامية، لكن تعاوناً آخر مهما نحتاجه في هذه الفترة تحديداً ينبغي عدم إغفاله أو التغافل عنه هو تعاون المواطنين والمقيمين في دول التعاون مع الأجهزة الأمنية، وقيام كل مواطن ومقيم بدوره وبما هو متوقع منه، لأن تمكن الإرهابيين من إدخال الأسلحة وتنفيذ عملياتهم يعرض حياته وحياة أبنائه وذويه للخطر، أي أنه هو من يقع عليه الضرر بشكل مباشر، ولأن أي بلد إذا افتقدت الأمن والأمان غاب عنها الاستقرار وضاعت.
اليوم وبعد كل هذه النجاحات التي حققتها الأجهزة الأمنية في دول التعاون صارت الحاجة أكبر إلى قيام المواطن والمقيم بدورهما عبر التعاون مع الأجهزة الأمنية، وصارت الحاجة ماسة إلى أن تطور هذه الأجهزة من قدراتها كي تتمكن من اكتشاف كل ما فاتها اكتشافه من قبل، ولكي تتمكن من منع إدخال كل سلاح مهما صغر بعد الآن.
لم يعد منطقياً تحميل مسؤولية نجاحات الإرهابيين سواء في إدخال الأسلحة أو تنفيذ العمليات الإرهابية وزارات الداخلية والأجهزة الأمنية فقط، لأن المواطن والمقيم شريكان أساسان ومهمان في هذه المرحلة على وجه الخصوص، وعليهما أن يعلما أن تمكنهما من الحصول على معلومة أمنية وسكوتهما لسبب أو لآخر وعدم إبلاغ الجهات المعنية بها يعرض حياتهما وحياة أبنائهما للخطر، فالأمن من خوف لا يقل أهمية من الإطعام من جوع بل لا طعم للقمة في غياب الأمن الذي، وإن كان من مسؤولية الدولة إلا أنه لا يمكن التقليل من دور المواطن والمقيم فيه، حيث التعاون بين الطرفين في هذه المرحلة على وجه الخصوص أمر أكثر من مهم ومن دونه يصعب على الأجهزة الأمنية تحقيق كل النجاحات. كل معلومة أمنية مهما صغرت يمكن أن تكون بداية الخيط لتوصل الأجهزة الأمنية إلى خلية إرهابية أو اكتشاف أماكن يتم فيها تخزين الأسلحة.
يخبرني أحدهم أن شبكة إرهابية وقعت ذات مرة في يد الأمن وقبض على كل أعضائها بفضل معلومة صغيرة من مواطن مارس دوره الحقيقي، حيث لاحظ وبطريق الصدفة أن شخصاً يعرفه يشتري كمية من الخبز كبيرة من خباز بعيد عن المنطقة التي يسكنها، فقام بتتبعه ورأى أنه يدخل بيتاً في تلك المنطقة، فاستدل بذلك على أن مجموعة كبيرة من الأشخاص يقيمون في ذلك البيت، وأنهم في الغالب ليسوا من أهل تلك المنطقة، فأخبر الجهات المعنية التي راقبتهم وتمكنت من القبض على تلك الشبكة.