أهدت إيران للشعب اللبناني والشعب السوري «حزب الله» الحاكمان الفعليان لهاتين الدولتين الآن ومن لهما الكلمة الأخيرة في إحداهما والمعطلة لها في الثانية، وأهدت إيران للشعب العراقي «حزب الدعوة» ليحكم العراق منذ اثني عشرعاماً إلى الآن، كما أهدت حزب «أنصار الله» أي الحوثيين للشعب اليمني فحكموه عاماً واحداً.
إيران هي من اختارت من يمثلها ومن يمثل مرجعيتها الدينية في هذه الدول العربية فلا يستطيع أحد أن يدير حزباً موالياً للفقيه أي للمرجعية الدينية دون موافقتها ومباركتها، بل لابد من تعيين رسمي يصدر من المرجعية ذاتها وذلك لاعتبارات سياسية قبل أن تكون دينية.
تلقى أتباع الولي الفقيه في هذه الدول (هدايا) إيران ورضوا بما قسمته لهم، فلا يصل لقبة البرلمان إلا الكتلة الإيمانية التي توافق عليها المرجعيات الدينية ولا يصل لرئاسة الوزراء إلا من تمسح بعباءة المرجعية الدينية ولا تشكل حكومة إلا برضا المرجعيات الدينية، فدانت الدنيا لحزب الدعوة في العراق وبيده جميع السلطات والمحافظات والجيش ومنح الفرصة اثني عشر عاماً، و في اليمن فرضت الهدايا فرضاً بقوة السلاح وبالتآمر على الشرعية أما في لبنان فالقصة معروفة بقوة الثلث المعطل استطاعت المرجعية الإيرانية أن تفرض نفسها على كل اللبنانيين لاعلى شيعتهم فقط، فماذا كان رأي الشيعة العرب بعد أن جربوا (الاستمتاع) بهدايا إيران؟
شيعة العراق هم الآن وقود التظاهر ضد الحزب وهم من صاح (إيران بره بره) وهم من صرخوا في وجه المرجعيات (كفى كفرتونا بالدين)، هذا عن هدية العراق ماذا عن هدية إيران للشعب اليمني؟ وفي اليمن رقصوا في كل مدينة محررة يطرد منها الحوثيون وأغلبهم زيديون وبكوا فرحاً بمغادرة «أنصار الله» أما في سوريا فالدماء سالت بحراً بين السوريين وحزب الله للخلاص منهم وكل بلدة أو قرية تحرر منه تتعالى صرخات الله أكبر، وبدأت الخلافات تدب في الميادين حتى بين حزب الله وبين العلويين أما في لبنان فلا داعي لإعطاء الأمثلة على اختناقهم من هذا الكابوس الذي يجثم فوق أنفاسهم بقوة السلاح والترهيب حتى بدأ سكان الضاحية الجنوبية يعلنون تمردهم بسبب طابور النعوش التي تحمل جثث أبنائهم التي تعاد لهم في الصناديق يتحسرون فيها عليهم.
دعك من سوريا ولبنان، لنأخذ المثال العراقي واليمني حيث انفرد حزبا الدعوة وأنصار الله بالحكم ودانت لهما الدنيا وسيطرا على جميع السلطات، كانت تلك فرصة لإيران أن تثبت للشيعة على الأقل أنها حريصة عليهم وعلى من يمثل مرجعياتها من العراقيين واليمنيين حتى يتذكروا إيران بالخير، الذي حدث أن العراق نهبت وجردت من مقدراتها وخيراتها وجردت من سيادتها وفقدت أراضيها وافتقر العراقي حتى وصل فعلاً للبحث في براميل الزبالة وليس كذباً وافتراء كما صوروا عملاء إيران في البحرين، والمقابل هذا الإفقار لشعب هو الأغنى في العالم من حيث الموارد انتقل حكامه خلال عشر سنوات من باعة متجولين وطباخين وبلطجية إلى أصحاب مليارات لا ملايين، الأدهى أنه حين طردهم العراقيون من سدة الحكم في المظاهرات الأخيرة ذهبوا من جديد لإيران يتوسلونها لإرجاعهم للحكم.
هذه هي (هدايا) إيران للشيعة العرب الذين رضوا بالتبعية للمرجعية الدينية المباشرة أو غير المباشرة لإيران عل وعسى أن يروا خيراً فيها، وهذه هي النتيجة التي أصبحت فيها هدايا إيران كابوساً يجثم على أنفاس الدولة كلها بسلطاتها وبشعبها بما فيهم شيعتها.
لم تكترث إيران و لم تعبأ بمعاناة الشيعة في أي دولة عربية بل فرضت عليهم من يمثلون المصلحة الإيرانية أولاً، حتى لو كانوا فاسدين، حتى لو كانوا طغاة حتى لو كانوا جهلة لا يفقهون شيئاً، بل بالعكس هذا هو المطلوب، فهؤلاء من تسهل قيادتهم.
فإلى كل الحالمين (بالهدايا) الإيرانية نحيلهم فقط لفيديوات المظاهرات العراقية في المدن الشيعية الناقمة على حزب الدعوة، ونحيلهم إلى الاحتفالات في المدن اليمنية المحررة من الحوثي لتعرفوا قيمتكم عند إيران.