لا أدري لماذا ذكرني مرشحو الرئاسة الأمريكية، جيب بوش وهيلاري كلينتون ودونالد ترامب وهم يتحدثون عن بعضهم البعض في سباقهم المحموم للفوز بانتخابات 2016 بمشهد رأيته قبل 35 سنة، كان ذلك عندما رأيت سيارة من نوع «موسكوفيتش» روسية الصنع صغيرة الحجم متواضعة جداً، تفتقد لأبسط المواصفات التي توضع في باقي السيارات، رأيتها تسير في الشارع يقودها صاحبها بكل اعتزاز وقد وضع على جانبها السفلي الممتد من مقدمتها وحتى مؤخرتها ملصقاً كتب عليه جملة واحدة باللغة الإنجليزية وهي «My car is fantastic Toyota» سيارتي تويوتا رائعة.
ليس الطريف في الأمر أنه يرى سيارته تويوتا فحسب أو أنه وضع الملصق دون أدنى معرفة عن محتواه، لكن الأكثر طرافة أنه وضع الملصق بالمقلوب، ما دل على أنه لا يعرف حتى رسم الحروف، وحتى تقرأ الملصق عليك الوقوف فوق سقف السيارة والنظر إلى الأسفل لتتمكن من القراءة بشكل صحيح أو تقلب السيارة رأساً على عقب لتستقيم العبارة.
لقد تحدث الغرماء لجمهورهم الأمريكي فانتقد كل منهم سياسة الآخر، ولأن أكبر الفظائع ارتكبوها في الشرق الأوسط، فكلهم ركز حديثه وانتقاده لخصمه عن سياسة أمريكا في المنطقة العربية وتحديداً العراق ومحيطه، وجارة السوء إيران، فكانت كلمة المرشح ترامب هجوماً على جيب بوش، ولأن الأخير لم يحكم فقد طال الهجوم أخاه «بوش الصغير» قائلاً له أنفقنا تريليوني دولار على التدمير وفي النهاية تبين أن صدام حسين كان يدير دولة ولم يكن يمتلك أسلحة دمار شامل، وعوضاً عن صدام أصبح لدينا الآن إيران وداعش يقومان بصفقات معاً، وخلفنا مئات آلاف الضحايا ولدينا محاربون مصابون في كل مكان ونزعنا استقرار المنطقة وتركناها في فوضى عارمة، أما جيب بوش فلم يتمكن من الإجابة على سؤال بسيط وهو؛ هل كانت حرب العراق أمراً جيداً أم سيئاً؟ واتهم أوباما وكلينتون بزعزعة المنطقة بسبب سحب الجيش الأمريكي من العراق، في المقابل هيلاري كلينتون كانت مندهشة من خطابه المدافع عن سياسة أخيه وذكرته بأن من وقع اتفاق الانسحاب مع العراق هو بوش الابن، وأوباما نفذ هذا الاتفاق فقط.
هذا هو حال عائلة بوش المرحة «الأب والأبناء» يتحدثون بكل فخر واعتزاز عن سياساتهم الحمقاء، كصاحب «الموسكوفيتش» الذي يقودها بكل فخر، لكنهم لا يعرفون حتى اللحظة هل هي موسكوفيتش أم تويوتا، ولا يستطيعون الإجابة عن سؤال بسيط هل كانت حربهم جيدة أم سيئة، ليسوا هم وحدهم بل حتى باقي المرشحين كل واحد منهم تسبب بكارثة لكنه يتهم الآخر ويتحدث عن سياسة مغايرة له.
ما ينفعنا من هذا كله هو إذا أردنا فهم ما يحدث لنا علينا أن نقف فوق سقف السيارة لنتمكن من قراءة السياسة الأمريكية بشكل صحيح، أو نقلب السيارة رأساً على عقب، وبعد القراءة الصحيحة علينا ألا نصدق ما قرأنا فالواقع مختلف تماماً.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}