كما توقعنا في «الوطن» كان الفشل مصير التحرك الذي تم التمهيد له بسخاء من قبل ذلك البعض الذي اختار يوم الرابع عشر من أغسطس لينشر المزيد من الفوضى ويمارس أعمال التخريب، حيث لم يتمكن أحد منهم من الوصول إلى المكان الذي تم تحديده. وكما توقعنا أيضاً فإن الهدف من كل ذلك كان الإعلام ليبقوا في دائرة الضوء ولتتمكن الفضائيات الفارسية «العالم والمنار» وغيرهما من النهل من هذا الينبوع الذي إن جف جفت ولم تعد قادرة على ملء ساعات بثها الأربع والعشرين.
المثير في الأمر هو أن ما يسمى بائتلاف شباب فبراير الذي وضع كل جهده في شحن العامة على مدى أكثر من شهر اعترف بالأمرين؛ فشله في الوصول إلى النقطة التي حددها لـ «الجماهير» فأثنى على من تمكن من التجمع على مشارف المنطقة، واعترافه بأن الهدف من العملية كلها كان الإعلام. ومن يدقق في بيانه الختامي يتأكد من هذا الأمر.
كان الهدف من كل تلك العمليات والدعوة إلى الوصول إلى ذلك المكان هو القول بأنهم متمسكون بموقفهم وأنهم إنما أرادوا من كل ذلك التفاعل الإعلامي معهم، وكان يكفيهم ما يعينهم على القول بأن «الساحة شهدت استنفاراً أمنياً كبيراً» فهذه العبارة تسهل لهم نشر فكرة إنه لولا أنهم مخيفون ومؤثرون وقادرون على أن يكونوا مصدر قلق للسلطة لما قامت قوات الأمن بمواجهتهم ومنعهم من الوصول إلى ذلك المكان، وبهذه العبارة يمكن للإعلام الفارسي أن يؤلف ما يشاء من قصص وحكايات وبطولات زائفة ويستضيف من يشاء ليقول ويعيد ويكرر ما يقال في كل مناسبة من هذا النوع.
لو أعطت هذه المجموعة نفسها شيئاً من الوقت للمراجعة وتقييم ما فعلت تقييماً موضوعياً لما ترددت عن تعليق نشاطها أو الانسحاب من الميدان الذي «لا مريال لها فيه»، لكنها للأسف لا تفعل لأنها تعلم أنها لو فعلت لانتهت ولأغضبت من يقف وراءها ويوظفها لمصلحته، ولو فعلت لتعرضت للاتهامات بالخيانة وصار حالها كحال بعض الجمعيات السياسية التي لم يعد لها أي وزن في الشارع.
كل ما تم التخطيط له في ذلك اليوم فشل، وكل عمليات التخريب التي سبقته تحت عنوان «التسخين» لم تنتج إلا الفشل. المكسب الوحيد الذي ظفروا به هو توفير الأسباب التي تعين الفضائيات الفارسية على مواصلة دورها في الإساءة إلى مملكة البحرين قيادة وحكومة وشعباً، وتوفير المساحات الزمنية اللازمة لشحن العالم ضد حكومات دول مجلس التعاون التي لا توافق إيران على منهجها وسياستها الرامية إلى السيطرة وتسيد المنطقة.
هذا مكسب لا يمكن إنكاره، وهو وإن لم يدخل في باب الانتصار إلا أنه لا يمكن التقليل منه، فقد كان الهدف، وكان الغاية، ويستحق كل ما تم صرفه عليه من أموال، فالإعلام الفارسي لديه من الخبرة والكفاءات ما يسهل على مريدي السوء للبحرين النجاح في مهمتهم وبامتياز.
من يتابع الفضائيات الفارسية «السوسة» هذه الأيام وعلى مدى الشهرين المقبلين سيتبين له كيف أن دعوة ما يسمى بائتلاف شباب فبراير للخروج في مظاهرة تصل إلى ذلك المكان الذي تعلم مسبقاً أنها لا تستطيع الوصول إليه وفرت لها أسباب الحياة والاستمرار في رسالتها العدائية، فأي فرصة أفضل من مثل هذه الفرصة التي تحظى فيها بفيديوات تحتوي على الدخانين الأسود والأبيض وتظهر تحرك رجال الأمن في المناطق القريبة من ذلك المكان؟ وأي فرصة توفرها لمن تعودت استضافتهم في برامجها اليومية لعلهم يقولون شيئاً جديداً؟
الائتلاف الذي دعا إلى الوصول إلى ذلك المكان كان يعلم جيداً أنه سيفشل، وكان يعلم جيداً أيضاً أنه سينجح إعلامياً.