أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله النفيسي اختصر حل مشكلة التدخلات الإيرانية في شؤون دول مجلس التعاون بالقول «كما تتدخل إيران في شؤوننا ينبغي أن نتدخل نحن في شؤونها.. المعاملة بالمثل قاعدة في العلاقات الدولية.. مجالات واسعة داخل إيران للتدخل»، وهو حل منطقي ليس صعباً تطبيقه، وبما أن إيران لم تستجب للنداءات الكثيرة بالتوقف عن ممارساتها السالبة واستمرت في التدخل في الشؤون الداخلية لدول التعاون؛ لذلك فإن تطبيق القاعدة الدولية عليها مسألة لا يعترض عليها عاقل. إيران تتدخل في شؤوننا الداخلية لذلك فإن تدخلنا في شؤونها هو الرد العملي على سلوكها الخاطئ، وكما إنها تخصص فريق عمل متكامل للإساءة إلينا؛ فلماذا لا نخصص نحن أيضاً فريقاً مماثلاً لفضحها ولبيان موقفها السالب وعيوبها لشعبها الذي نسيته ونسيت واجبها تجاهه؟
ليس من أخلاقنا الرد على الإساءة بالإساءة ولا ممارسة السب والشتم والتقليل من شأن الآخرين، لذلك فإننا لن نمارس كل هذا مع إيران وسنستعيض عنه ببيان أكاذيبها وممارساتها السيئة لشعبها الذي من حقه أن يعرف حقيقة نظامه ونواقصه، ومن حقه أن يعرف أن ملاليه الذين يحثونه على الالتزام بالمبادئ والأخلاق الحميدة يمارسون عكسه بتدخلهم في شؤون جيرانهم.
إيران تدعم وبقوة مجموعات صغيرة في هذا البلد الخليجي وذاك وتعتبرها صاحبة حق وتقول إنها تعاني من الظلم وإن من واجبها الوقوف مع المظلومين والمستضعفين، فلماذا لا ندعم نحن المجموعات التي تعاني من ظلم حقيقي وينطبق عليها بالفعل معنى المستضعفين في الأحواز وبلوشستان وغيرها من مجموعات تعاني الويل من النظام الإيراني وشطحاته وتتعرض لكل أصناف الظلم والهوان؟
إيران تدعم تلك المجموعات بالسلاح وتقدم لها كل ما يسهل لها تسلم تلك الأسلحة عبر التهريب براً وبحراً، وهو ما يتوفر عليه الكثير من الأدلة التي ليس آخرها ما تم اكتشافه في الكويت وليس أولها ما تم اكتشافه في البحرين، فلماذا لا ندعم نحن أولئك الذين يعانون من ظلم وفساد النظام الإيراني داخل إيران بالسلاح والمال ونعينهم على إعداد كل ما يستطيعون من قوة ومن رباط الخيل يرهبون به عدوهم الذي أرغمهم كي يصيروا شعبه؟
إيران تسخر كل أجهزتها الإعلامية لدعم ومساندة من تقول عنهم إنهم مظلومون وشعوب مستضعفة، فلماذا لا نسخر بعضاً من أجهزتنا الإعلامية ونخصص ولو فضائية واحدة لفضح ممارسات النظام الإيراني وتعريته أمام شعبه؟
ليس منطقاً الاستمرار في مشاهدة كل هذا التدخل الذي يمارسه النظام الإيراني في شؤوننا الداخلية وعدم اتخاذ موقف منه كي يرتدع ويعود إلى صوابه، وليس منطقاً السكوت عن تلك التدخلات التي تتم بصور عديدة وبشكل مستمر واستفزازي. نحن لا تنقصنا القوة ولا نفتقر إلى العقول والخبرات وبإمكاننا أن نفعل في إيران أكثر مما تفعله بنا و»نبهدلها»، وبإمكاننا تبني قضايا شعبها المظلوم والمستضعف الذي يعاني الويلات ولا يستطيع أن يعبر عن غضبه من نظامه، وبإمكاننا فعل الكثير للنظام الإيراني نفسه كي يعود إلى جادة الصواب ويتأكد من أن دول الخليج العربي ليست لقمة سائغة وأن شعوبها لا تقبل بتدخل الآخر -أياً كان- في شؤونها.
لم نجرب من قبل هذا الحل، فلنجربه ونقيمه، والأكيد أنه سيدفع النظام الإيراني ليراجع نفسه ومواقفه وطرق تعامله مع جيرانه، وسيعلم جيداً أنه ليس الأقوى في المنطقة وإن كان أكثر عدداً، وليس الأخطر وإن كان يمتلك السلاح النووي الذي من الواضح أنه بدأ يعتمد عليه للتهديد ويعتبره عصا يرفعها في وجه كل من لا يوافقه على أفعاله وتوجهاته.
فكرة النفيسي ليست جديدة؛ لكنها لم تجرب، فلماذا لا نجربها؟