حتى الآن، كل المؤشرات تؤكد أن البحرين تسير بخطى جيدة وثابتة بخصوص دعمها المواطن في مواطن رفع الدعم عن السلع الأساسية، فغالبية الدول العربية بدأت بشد الحزام لمواطنيها واتخاذ الكثير من الإجراءات التقشفية مما قد يؤدي ذلك بالضغط على المواطن العربي بصورة أو بأخرى.
كل هذا لا يعني أن مملكة البحرين لن تقوم بذات الدور، فالأوضاع الاقتصادية العامة والصعبة للغاية التي تمر بها المنطقة، لن تستثني أي دولة من الدول العربية في أن تقوم بعملية التقشف المتبعة في حال تعرض اقتصادياتها لهزات عنيفة، لكن ربما تتأخر بعض الإجراءات حسب الظروف الموضوعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها تلك الدول، وبكل تأكيد فإن البحرين ليست دولة مستثناه من القاعدة التي تؤكد أن المنطقة تمر بظروف اقتصادية صعبة وحرجة للغاية.
من واجب الدولة اليوم أن تضع في اعتباراتها عدم المساس بقوت المواطنين قدر المستطاع، خصوصاً الشريحة الأضعف في المجتمع، كالأرامل والأيتام والمتقاعدين والأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود، فهذه الشرائح المجتمعية لا يمكن أن يمس قوتها اليومي بأي أذى، لأنها لا تملك وسائل أخرى للرزق، سوى الراتب المتواضع أو الاعتماد على بعض المعونات الخيرية من هنا أو هناك.
لن تستطيع الدولة أن تقنع المواطن البسيط جداً بما تمر به المنطقة من ظروف سياسية واقتصادية في غاية الصعوبة، كما لن يستوعب قصص انهيار أسعار النفط أو الذهب أو سقوط أسواق المال والأسهم والعملات، فهذه المبررات وإن كانت واقعية وحقيقية، إلا أنه لن يستطيع تقبلها أو حتى فهمها، فكل ما يمكن أن يتقبله أو يفهمه المواطن البسيط هو عدم المساس بلقمة عيشه أو التعرض لقوت عياله، أما أسعار النفط وقضايا الحروب والأسهم فهذه كلها أمور لا تهمه ولا تعنيه.
لو تم تطبيق كل أشكال التقشف التي نسمع بها كل يوم على المواطن البحريني البسيط، كرفع الدعم عن اللحوم والطحين والوقود وتخفيض الرواتب وقطع الساعات الإضافية وغيرها من الأمور التقشفية الأخرى، فإن هذا المواطن لن يبقى من راتبه أي شيء، وهذا الأمر من أخطر الأمور الخاصة بمساس المعيشة المتواضعة للمواطن الفقير أو حتى متوسط الدخل.
نحن ندرك أن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح فيما يخص معيشة هذه الشريحة من المواطنين، ولكن من واجبنا كمراقبين وإعلاميين أن ننبه كل المسؤولين في الحكومة ممن يعنيهم شأن ومعيشة المواطن البحريني ألا يتعرضوا لقوت الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، فهنالك الكثير من الخيارات والحلول الاقتصادية التي من شأنها إيجاد المخارج المريحة للدولة دون المساس بلقمة المواطن، كما على المسؤولين أن يخترعوا بعض الحلول للمشاكل الاقتصادية التي لم يساهم فيها الفقير أصلاً، بل هو من ضحاياها على كل حال، ومن هنا وجب تجنيبه مخاطرها في كل الأحوال والأوقات.