ليس هناك في العالم اليوم ما هو أفضل من الرياضة كسبيل من سبل الوحدة الإنسانية، وهي الطريق الكبير والمختصر للالتقاء حول فكرة «الإنسان» المحور، وقديماً قالوا «الرياضة تصلح ما تفسده السياسة»، وعليه يجب الدفع باتجاه تشجيع الرياضة المحلية والعالمية للرجوع إلى سكة الإنسانية بعد غياب طويل عنها، خصوصاً في أوطاننا العربية التي شهدت ربيعاً قاسياً أبعد المواطن العربي عن الرياضة التي تجمع ولا تفرق.إن الاهتمام بالرياضة تعني الاهتمام بالإنسان، وهي تعني كذلك الاهتمام بقدراته ومواهبه وإبداعاته، خصوصاً فئة الشباب. فكلما اهتمت الدول بقضايا الرياضة، يعني أنها اهتمت بالإنسان وبالشباب على وجه التحديد، وبهذا تجنبه الوقوع في محاذير السياسة ومتاهاتها، وتدفع به نحو الإبداع وحب الوطن، أما الدول التي أهملت الرياضة على حساب السياسة، فهي الدول التي دفعت بشبابها نحو الفراغ القاتل أو نحو المجهول.من المؤكد أن الاستقرار السياسي يولد استقراراً في بقية مناحي الحياة، والتي من أهمها «الرياضة»، لكن في حال اضطربت الأوضاع السياسية فهذا لا ينفي ضرورة الاهتمام بالرياضة تحديداً، وانتشال الشباب من براثن ومخالب التطرف والفراغ.الأخطر من كل هذا هو تسييس الحياة الرياضية، وإضفاء مسحات سياسية أو دينية أو طائفية عليها، إذ إن هذا الأمر لا يقل خطراً من التطرف، كما إنه يسمح للمتطرفين وبقية «البلطجية» من التسرب للمواقع الرياضية من أجل تشويهها أو اختطاف الشباب منها، وهذا ما حدث في مصر مؤخراً على سبيل المثال، حيث شهدت الملاعب المصرية في الأعوام الأخيرة أحداثاً دموية مؤسفة راح ضحيتها العشرات من أبناء الشعب المصري الشقيق، وذلك حين أهملت الدولة الرياضة وانشغلت بالسياسة.في منطقة الخليج العربي، يجب على حكوماتنا أن تحيي الرياضة من جديد وبكل قوة من أجل الحفاظ على شبابنا من الانخراط في عالم السياسة والتطرف الديني، وتوظيفهم من قبل بعض التيارات المتشددة في حال وفرت دولنا فراغاً هائلاً من الوقت القاتل بالمجان للطاقات الشبابية. ولنضيق حلقة النقاش بصورة أكبر لنتحدث عن مملكة البحرين تحديداً، إذ نطالب وزارة شؤون الشباب والرياضة وكل المنظمات الرياضية والثقافية والمدنية المنضوية تحت غطائها بالاهتمام بشبابنا، وتوفير كافة المرافق الرياضية وعلى مدار العام، بل وإجبار الأندية الرياضية على احتواء الشباب البحريني عبر برامج رياضية وثقافية طيلة أيام العام، حتى لا يقعوا فريسة التطرف السياسي والديني.كذلك يجب على المؤسسات الشبابية والرياضية في البحرين وعلى رأسها وزارة شؤون الشباب والرياضة الاهتمام ومنذ هذه اللحظة بالفئات السنية من أجل إنشاء قاعدة صلبة وفي كل الألعاب لتمثيل البحرين مستقبلاً، والأهم من كل ذلك، هو احتواء الشباب البحريني من الوقوع في مصائد السياسة القذرة، ومن ثم خسارتهم في مشاريع أبعد ما تكون عن روح الوطن والإنسانية، فهل يمكن تلبية هذا النداء الوطني في سبيل البحرين وشبابها؟ أم سيظل الخمول سمة من سمات صانعي الرياضة في الوطن العربي؟في النهاية نحن على ثقة بوزيرنا الشاب السيد هشام بن محمد الجودر وبقدرته على تخطي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الرياضة في الوطن العربي، وكلنا أمل في أن يقوم بصناعة رياضة مميزة في عهده، وتأسيس جيل من الشباب البحريني نستطيع أن نراهن به في كل المحافل الدولية.