المثير في أمر ذلك البعض الذي يعتبر إيران الملالي مثالاً هو أنه يرى كل أفعالها الشينة -سواء خارج إيران أو في الداخل مع شعبها الذي يعاني الويلات- ومع هذا ينحاز إليها ولا يكتفي بالتعبير عن إعجابه بها وإنما يدعو الجميع بمن فيهم المتضررين منها إلى الإعجاب بها والتصفيق لها، ويبذل كل جهده للترويج لها من دون مقابل، فهو يعتبرها الحكم المثالي الذي يفيض حكامه بالحنان الأبوي والمثال الذي لا قبل ولا بعد، فملالي إيران بيدهم مفاتيح الجنة وكل الأختام. هذا البعض يشاهد ما ينفذ في إيران يومياً من أحكام الإعدام وبطرق تسيء إلى الإنسانية ومع هذا يدعو إلى اتخاذها مثالاً وحاكماً في بلاد لا مكان فيه للإعدام إلا في أضيق الحدود التي يفرضها الشرع، وهو يرى كيف يتعامل رجال الأمن فيها مع المتظاهرين وكيف أنهم يعتبرونهم مجرد أشياء تتحرك على الأرض فيسخرون لتركيعهم كل أدوات القمع بينما يعتبر حكام إيران خروج المواطنين في مظاهرة خروجاً على حكم الله، ومع هذا يواصل دعوته إلى اتخاذ إيران مثالاً ونموذجاً، ذلك أن فعل المتظاهر هناك يدخل في باب الاعتداء على الولي المكلف من قبل الله سبحانه وتعالى ليقود الناس بينما فعل المتظاهر في البلاد الأخرى مختلف ولا يجوز التعامل مع المشاركين في المظاهرات بأي طريقة خصوصاً إن كانت إيران تؤيدهم وتقول إن ما يفعلونه هو الصحيح.هذا البعض يعرف تمام المعرفة حجم المواطنين الإيرانيين الذين يقبعون في السجون لأسباب سياسية أو لمعاقرتهم المخدرات بعدما وصلوا إلى حالة اليأس من تغيير أوضاعهم المعيشية، ومع هذا يعتبر إيران الملالي نموذجاً ومثالاً ويطالب بتطبيق تجربتهم الفاشلة في بلاده. هذا البعض يطالب بالديمقراطية التي لو توفرت في إيران لما بقي حكامه يوماً واحداً في كراسيهم، ومع هذا يتخذ من إيران مثالاً. يطالب بالحريات التي لا مكان لها في إيران ويعتبر حكامها المطالبة بها حراما والمطالبين بها معتدين على الشرع وعلى آيات الله، ومع هذا يدعو إلى استنساخ تجربة إيران. يدعو إلى حقوق الإنسان ويردد كل ما تقوله المنظمات العاملة في هذا المجال وهو يرى بأم عينيه كيف أن إيران التي يعتبرها مثالاً ونموذجاً يحتذى لا تعطي حقوق الإنسان أي اعتبار فتعلق كل من يحكم عليه حكامها بالموت في المشانق وتتركه ليأكل الطير من رأسه. نظرة واقعية إلى معاناة شعب الأحواز تكفي لتبين أن نموذج إيران فاشل بل فاشل جداً ولا يصلح لتطبيقه في أي بلاد، ونظرة إلى ما يعانيه الناس في بلوشستان تكفي لتأكيد ذلك، ونظرة ثالثة إلى ما يعانيه كل من تهزه نفسه فيتجرأ ويناقش الوليه الفقيه توصل إلى قناعة بأن ما يجري للناس في إيران يدخل في باب لعنة الشاه، حيث الواضح أن أحداً قد دعى على الشعب الإيراني فحصل له ما حصل. كل ما يطالب به ذلك البعض ويتخذ إيران مثالاً لهم توفر هنا ولا يستدعي تأجيج الناس من أجله، وكل طيب متوفر هنا هو بالضرورة غير متوفر هناك في إيران. أين الديمقراطية في إيران وأين الحريات وأين حقوق الإنسان التي يطالب ذلك البعض بها ويدعو إلى اتخاذ إيران نموذجاً ومثالاً؟ لا شيء من هذا متوفر هناك، ففي إيران من يفكر -مجرد تفكير- في رفع صوته لمناقشة -مجرد مناقشة- حكامها يعتبر مخالفاً للشرع ويستحق الإعدام.مؤلم أن يرى ذلك البعض الذي أساء لوطننا ومجتمعنا بسوء تقديره كل هذا الذي يعاني منه الشعب في إيران ولا يتردد عن الدعوة إلى اتخاذ حكم ملاليها مثالاً واعتباره نموذجاً.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90