منح الاتحاد الدولي للاتصالات جائزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية المستدامة لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء لمملكة البحرين العام 2015 . والاتحاد الدولي للاتصالات هو أحد الوكالات المتخصصة في إطار منظومة الأمم المتحدة بل إنه من أبرز الوكالات المتخصصة في نشاطه المرتبط بكافة أنواع الاتصالات بين الشعوب ومن ثم بين الأفراد عبر مناطق العالم المختلفة، كما إنه يضطلع بوضع اللوائح والتنظيمات الخاصة بأنشطة أجهزة الاتصالات في كافة أرجاء المعمورة.
ومنذ انعقاد مؤتمر ريو للبيئة في عام 1992 المعروف باسم قمة الأرض واعتماده استراتيجية التنمية المستدامة كأحد أهداف المؤتمر الرئيسة فقد أصبحت أحد المفاهيم السائدة في المجتمع الدولي الساعي للتعاون بين كافة الشعوب من أجل بناء غد أفضل للبشرية. بل إنه أصبح من أهم أهداف المجتمع الدولي حيث قام ارتباط وثيق بين مفهوم التنمية المستدامة ومفهوم البيئة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وفي هذا الإطار يمكننا النظر لدلالات الجائزة التي منحها الاتحاد الدولي للاتصالات للأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء إذ إن منح هذه الجائزة يرتبط بالجهود العملية الملموسة وللإنجازات الواضحة التي حققتها الشخصية الممنوحة لها في مجالات التطور المتعدد الآفاق والأبعاد وخاصة في مجال التطبيق العملي لأهداف الاتحاد.
ويمكننا الإشارة لعدد من الدلالات التي ترتبط بالتطور العملاق في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأثر ذلك على مستقبل الشعوب بل والبشرية قاطبة. فقد أحدثت الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ثورة في تواصل الشعوب بل والأفراد مع بعضهم البعض وكسر حاجز المسافات واللغات والثقافات مما أدى إلى تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة. ولعل أبرز دلالات منح الجائزة ما يلي: الدلالة الأولى؛ إن هذه الجائزة من منظمة عالمية مهمتها فنية وبعيدة عن السياسة ولا ترتبط بمجاملاتها التي تظهر أحياناً في بعض الجوائز ذات الارتباط بها. الدلالة الثانية؛ إن منح الجائزة لرئيس وزراء مملكة البحرين يدل دلالة واضحة على التقدم الذي تحقق في الدولة في ثلاثة مجالات ذات ارتباط وثيق وهي؛ تكنولوجيا المعلومات؛ مجال الاتصالات، وهذان المجالان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما فلا يمكن تصور وجود أحدهما دون وجود الآخر. والثالث هو التمنية المستدامة والتي هي أحد المحاور الثمانية لأجندة الألفية للأمم المتحدة، بل إن العالم توسع في تصوراته للمستقبل وجعل شعار التنمية المستدامة هو شعار لا يرتبط بأجندة الألفية فحسب؛ بل أصبح هو محور العمل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتكنولوجي للأمم المتحدة في مرحلتها الجديدة التي أطلق عليها استراتيجية التنمية فيما بعد عام 2015. أي أنها لا ترتبط بمرحلة معينة بل هي وثيقة الصلة بمستقبل الأجيال القادمة وهي محور اهتمام الأجيال الحالية وفائدتها في آن واحد.
الدلالة الثالثة أن منح الجائزة هو اعتراف رسمي من منظمة دولية رفيعة المستوى هي جزء من منظومة الأمم المتحدة بإنجازات حكومة مملكة البحرين برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير في ضوء أمرين، أولهما توجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، صاحب البرنامج الإصلاحي الذي سبق به التطورات الدولية المعاصرة وصاحب الرؤية الاستراتيجية للبحرين المعروفة باستراتيجية 20/30، وثانيهما الإخلاص والتفاني في العمل برؤية استراتيجية من قبل الأمير خليفة بن سلمان.
ولا شك أن إنجازات حكومة البحرين في تطوير البنية الأساسية هي إنجازات واضحة وملموسة، وهو ما يلمسه كل مواطن بل كل زائر لمملكة البحرين ولقد لفت نظري أن حفيدي المقيم في لندن والذي ولد وترعرع هناك، ومازال لم يبلغ الحلم، عندما زارني في البحرين لأول مرة وكان الوقت بالليل والهدوء يسود، وعندما نظر من نافذة السيارة قال كلمة باللغة الإنجليزية «إن هذه بلد متقدم ومتحضر»، ذلك لما شاهـــده من شوارع حديثة وتنظيم للمرور وانسيابية وخضرة بالشوارع ونحو ذلك من البنية التحتية الحديثة.
الدلالة الرابعة؛ هي رسالة لكل مسؤول يضع الإنجاز لبلاده والتقدم في شتي المرافق رهن ناظريه ويعمل له بتأن وبتخطيط استراتيجي بعيد المدى، دون أن ينتظر جائزة أو يهتم بكلمة ثناء من أحد، بل إنني لاحظت ما يتسم به خليفة بن سلمان من تواضع، حيث يحرص على أن ينسب أي إنجاز يتحقق لقيادة وتوجيهات جلالة الملك وجهود الحكومة وشعب البحرين ككل لأنه المستفيد الأول من هذه الإنجازات. وهل بعد ذلك من تواضع وتفان وإنكار للذات؟
وختاماً نقول لمن يعيش في أرض البحرين؛ انظروا حولكم عبر الآفاق الممتدة وقارنوا بين البحرين وما بها من تقدم وبين دول أخرى أكثر ثراء وأكثر ثروات طبيعية وأكبر حجماً سكانياً وأكبر مساحة جغرافية وتعيش في شعارات أيديولوجية ثورية عارمة، ولكن قياداتها تبدد تلك الثروات على طموحات وهمية وتحرم شعبها منها، ولذلك تثور الشعوب ضدها وتسعى لكسر حاجز الصمت فتتفرق بها السبل وتدخل في دوامة من الفوضى والصراع أشبه بما يطلق عليه الدائرة الجهنمية من الفوضى والتخلف والعنف والصراع والشعارات الأيديولوجية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما نجحت مملكة البحرين في تجنبه.
حمى الله البحرين وشعبها من كل سوء، وبارك لها في قياداتها ومثقفيها وخبرائها وعلمائها، وفي تعاونها الدولي في الأطر الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية، وتهنئة من القلب لصاحب الجائزة الذي تأتي إليها الجوائز الدولية طائعة مختارة مؤكدة على سلامة رؤيته وعمق استراتيجيته ودقة تنفيذه لها تفعيلها في للعمل الوطني لنهضة بلاده ورفاهية شعبه.