لأنهم يعرفون أن الغرب يهتم كثيراً بملف حقوق الإنسان ويرفع هذا الشعار ويعطيه الأولوية دائماً لذلك صار تركيز «المعارضة» كثيراً على هذا الملف وزاد السعي لإقناع حكومات دول الغرب ومنظمات حقوق الإنسان العالمية إلى أن حقوق الإنسان هنا مهدرة وأن الحكومة لا تهتم أبداً بهذا الأمر وأن ما يرونه من لجان وطنية لحقوق الإنسان وجمعيات مهتمة بهذا الجانب وما يسمعونه من تصريحات ليس إلا لذر الرماد في العيون ولكي لا يقال إن البحرين لا تهتم بحقوق الإنسان فيؤخذ منها موقف وتتعرض لخسائر مادية ومعنوية.
طوال السنوات الأربع والنيف الماضيات تم التركيز على موضوع حقوق الإنسان وسعى البعض إلى نشر معلومات خاطئة في هذا الخصوص ملخصها أنه لا اعتبار لحقوق الإنسان في البحرين ولا احترام وأن ما يتضمنه الدستور في هذا الخصوص لا يعمل به وأن القانون منحاز ضد الإنسان وحقوقه وأن اللجان والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان والتي تعمل بشكل قانوني ليست إلا أدوات في يد الحكومة وأنها لا قيمة لها فهي مجرد ديكور والهدف منها هو القول إن البحرين تعنى بحقوق الإنسان، أي أنها مجرد دعاية.
كثير مما ينشر ويقال عن إهدار حقوق الإنسان في البحرين فيه تجن لأن حقوق الإنسان من الأمور الأساسية التي تهتم بها المملكة ولا يتوفر دليل عملي يثبت أنها ضد حقوق الإنسان أو أنها لا تهتم بهذا الجانب أو توفر معلومات مغلوطة أو ناقصة للجهات ذات العلاقة بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. من الطبيعي أن تقول «المعارضة» مثل هذا الكلام عندما يتم اعتقال أو حجز أو الحكم بسجن شاب بسبب أنه رمى رجال الأمن بحجر أو بزجاجة مولوتوف أو تسبب في أذى الناس، فتعتبر هذا التصرف من الجهات المعنية بالحكومة تعدياً على حقوق الإنسان، لكنها تغمض عينيها عن كل ما قام به ذاك الشاب من اعتداءات على حقوق الآخرين الذين هم أيضاً إنسان ولهم حقوق مثلما أن له حقوق، ولا تأتي بأي معلومة عن تضرر الآخرين منه وكأن من يعمل معها هو فقط الإنسان الذي له كل الحقوق.
هذه مشكلة «المعارضة»، أما مشكلة منظمات حقوق الإنسان العالمية فهي أنها تأخذ بكل ما تقوله «المعارضة» بكل أطيافها وتعتبره حقائق لا لبس فيها ولا تحتاج للتأكد من صحتها، بينما تعتبر كل ما توفره الحكومة من حقائق بعيداً عن الواقع والصدق ويحتاج إلى تدقيق وإثبات، فهي منحازة إلى كل من هو ضد الحكومة وكل ما هو ضدها ولعلها لا تقرأ جل أو كل ما يصلها من الحكومة (وكل حكومة) من تقارير وتوضيحات بسبب اتخاذها موقفاً مسبقاً منها وموقفاً منحازاً إلى كل من هو ضدها.
واحد من الأمور التي ينبغي من منظمات حقوق الإنسان الانتباه إليها هو أن «المعارضة» تبالغ في تصوير الأمور إلى درجة أنها تصور الشخص الذي أصيب ظفره في مظاهرة شهدت مواجهات بطريقة تفهم منها تلك المنظمات والناس أنه أصيب إصابة بالغة وأنه قاب قوسين أو أدنى من الموت متأثراً بجراحه العميقة، كما تصف أوضاع الموقوفين من المنتسبين لها والمحكومين وكل من هو ضد الحكومة أوصافاً بعيدة عن الواقع، والهدف هو القول إن حقوق الإنسان لا قيمة لها هنا ولا احترام (بين الحين والحين يتم نشر أخبار عن الأوضاع الصحية لمحكومين فيقال إنها صعبة للغاية وإنهم لا يحصلون على العلاج المطلوب أو يرغمون على أمور خارجة عن إرادتهم، وغير هذه من أخبار نارية الغرض منها إثارة الرأي العام ودفع المنظمات الحقوقية لإصدار بيانات شجب واستنكار).
دستور البحرين يؤكد على حقوق الإنسان ويحترمها، والقول بعكس ذلك يتطلب أدلة وبراهين.