مَن منا لا يشعر بخليط الدهشة والصدمة من حالة التناقض والازدواجية في الفكر والممارسة التي يمارسها هذا الكيان الذي يعيش بيننا على أنه جمعية «وطنية» في الظاهر، وعلى النقيض من ذلك، تدعم وتمول عربيدات إرهابية مخزية، وجرائم متفوقة في الأذى والوحشية، إلى درجة ربما تتزاحم عليك الأفكار فتدفعك للتساؤل باندهاش:
هل جمعية الوفاق التي تتلظى بنار الطائفية، وينهش جسدها الحقد والكراهية، وتحسب الساعات لخراب البلد، وتشجع على أعمال التخريب والعنف وتدعم الإرهاب، هي بالفعل جمعية «وطنية»؟!
العبد الفقير إلى الله، كاتب هذه السطور من أشد المؤمنين بأننا لن نتقدم خطوة واحدة في طريق القضاء على أعمال الإرهاب والعنف والتخريب، ولن نمضي إلى حل سياسي توافقي يرضي الجميع ما لم نصارح أنفسنا بالإجابة الواضحة عن هذا السؤال.
بالعربي الفصيح وبصراحة «واللي فيه.. فيه»..
هذه الجمعية إرهابية، وأذنابه «الأربع أو الخمس» فروع لها، ومنسقة معها، بل ومموَّلة منها، وأموالها الدَّنِسة التي تأتي من إيران، تؤوي عصابات متطرفة تعيث في البحرين خراباً منذ خمس سنوات، وتتحرك باطمئنان في وضح النهار كـ «عرسة» في خرابة، حتى بلغ بها التبجح أن تصور عملياتها الإرهابية وتبثها على وسائل التواصل الاجتماعي، والدليل على ما أقول، القبض على أحد أعضائها الفاعلين ومؤسسيها «ح.ع» لدى عودته من إيران بتهمة تمويله للإرهاب عبر توزيع مبالغ مالية على إرهابيين مطلوبين جنائياً والتستر عليها، إضافة لتوفير وسائل العيش لهم مع علمه بأهدافهم الإرهابية، ومن ضمنها تنفيذ عملية قتل رجلي أمن، ورغم أن كل الأدلة والإثباتات والشواهد والشهود أنفسهم، تثبت التهم، إلا أن هذه الجمعية «الوطنية» تفتعل عويلاً وضجيجاً، وتختلق تصريحات حمقاء وبيانات بلهاء، وتستقتل في الدفاع عن متهم بالإرهاب.
صدعتونا بـ «وطنية» وكأن الدور الوطني قاصر على الوفاق، طيب هل «الوطنية» تبرر أو تدافع عن الإرهاب؟
ماذا سيكون الحال عليه لو أن جماعة من أهل السنة – مثلاً - دافعوا عن الداعشي الإرهابي تركي البنعلي؟
أحدكم قد يسألني وهو محتد غاضب، كيف لك أن تتجرأ فتشبه الوفاق بـ «داعش»، أو «ح.ع» بـ تركي البنعلي؟ ألا تخاف الله؟
«تكت إيزي يا عزيزي»، لا يوجد لون رمادي في الإرهاب.. الإرهاب، هو إرهاب محض عمى حيثي تام، سواء كان صغيراً أو كبيراً، داعشياً أو وفاقياً، لا يميّز بين سني أو شيعي، في لمح البصر يستطيع إزهاق عشرات أو مئات أو آلاف الأرواح البريئة، قد يكون ابني أو ابنك أحد ضحاياهم.
الأمم المتحدة عرفت الإرهاب عام 1972 «بأنه استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به بغية تحقيق هدف سياسي معين».
المحكمة الجنائية الدولية عرفته بأنه «استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب، أو الاستخدام غير القانوني للعنف ضد الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين أو حكومتهم للإذعان لأهداف سياسية».
والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب والموقعة في القاهرة عام 1998 «كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كان بواعثه وأغراضه، يقع تنفيذاً لإجرام فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر».
يعني إذا كنا اليوم نتبرأ ونهاجم وننبذ أعمال الإرهاب التي يمارسها تركي البنعلي، فبنفس القدر والحجم والحدة، علينا أن نتبرأ ونهاجم وننبذ دعم وتمويل «ح.ع» للإرهاب – متى ما ثبتت جريمته – لا أن ندافع عنه.
إذن، لا يجوز لمن تسن أقلامها وتفرغ حبرها في الهجوم على تركي البنعلي، وتتهم أهل السنة به، أن يطبق الصمت على أنفاسها عن جرائم «ح.ع»، لأنه من نفس الطائفة، وإلا تكن أقلاماً فاسدة، وألسنة سامة، وعاراً على الصحافة.
لقد ظلمك من أوهمك أن التعامل مع الإرهاب يتم بازدواجية ونظرة مذهبية مقيتة، فإذا كان صادر من طائفتك فـ «هو غفور رحيم» وإذا كان من الطائفة الأخرى فـ «هو شديد العقاب»، لأن من شأن ذلك أن يغرقنا جميعاً في رمال الطائفية الوفاقية المتحركة.