ليست هناك من أخبار مهمة عن فلسطين المحتلة، فمنذ أربعة أعوام أو يزيد، مازال العالم يتحدث وعبر نشرات الأخبار عن كل الأوطان العربية عدا فلسطين، حتى الفلسطينيين أنفسهم ليس لهم علاقة بفلسطين، وكأن الأمر الكائن هو القدر المقدور لدولة أصبحت في ذاكرة النسيان.
أخبار خفيفة ومتفرقة تصلنا بين الفينة والفينة عن القدس، أو ربما نسمع خبراً باهتاً حين يضرب أسير عن طعامه الكئيب أو حين يموت طفل من أطفال الحجارة في مواجهات مع المستوطنين أو مع الجيش الصهيوني، أمَّا «الزُّوم»الإخباري فإنه يتوجه نحو بقية الأوطان العربية، في محاولة لإشغال العالم بربيعنا العربي، حتى يصرفوا الأنظار عن المعركة الحقيقية، ألا وهي «فلسطين».
هنالك أخبار مزعجة ومتقطِّعة عن طلعات جوية إسرائيلية على قطاع غزة، وهناك بعض الأخبار عن فتح معبر رفح والكثير من الأخبار عن إغلاقه لمدد طويلة، إضافة إلى بعض الاتفاقات الغريبة بين فصائل المقاومة وتل أبيب، وعدم ارتياح السلطة الفلسطينية من تلكم الاتفاقات، والعكس صحيح كذلك، مما يعقد العلاقات الفلسطينية الفلسطينية، وكأن هذا ما كان ينقص «الإخوة الأعداء».
قبل الأزمة المالية التي تعصف بالوطن العربي حالياً، لم يكن للقضية الفلسطينية أي نصيب من ذكر أو اهتمام، فكيف ستكون فلسطين في أجندة دول تصارع اليوم من أجل الحفاظ على وجودها في ظل الصراع المحتدم على النفط ومحاولاتهم المستميتة لإبقاء اقتصادياتهم خارج نطاق الخطر؟
حين لا يكترث الفلسطيني بفلسطين، هل نتوقع من العربي الذي يشتغل بهموم وطنه أن يكون فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين أنفسهم؟ وحين يتقاتل الفلسطينيون فيما بينهم حول السلطة أو حول أُهلية أحدهم فيما يخص قضايا الحكم، هل ستترك الحكومات العربية قضاياها المصيرية لتتفرغ لقضية لم يكترث فيها أصحابها أصلاً؟ ومن هنا، يجب أولاً وأخيراً أن يظهر الإخوة في فلسطين بعض الاهتمام بقضيتهم المركزية، وأن يكثفوا الجهود لأجل المصالحة، حتى يستطيعوا بعد ذلك إلقاء اللوم على العرب حين يبتعدون عن أبرز قضايا القرن.
إن غفلة العرب، وغفلة الإخوة في فلسطين فيما يتعلق بقضية القدس، باتت تشكل مأزقاً خطيراً جداً، ولهذا يجب على الفلسطينيين وعلى كل العرب أن ينتبهوا لخطورة الانشغال عن قضيتهم الأم، كما يجب عليهم ترتيب أولوياتهم السياسية، حتى تكون فلسطين هي القضية «رقم واحد» في الصراع القائم بينهم وبين الصهاينة، والأهم من ذلك أن ينتبه الفلسطينيون لقضيتهم الرئيسة، وأن يلتفوا حول أنفسهم من أجل ألا يَضَيْعوا في زحام القضايا الكبيرة التي تشغل بقية العرب والعالم، ففلسطين هي قضيتنا وستظل قضيتنا التي لن ننساها، أمَّا حين ننساها فإننا في انتظار ليل حالك أشد من ربيعنا الدموي بمراحل كبيرة وخطيرة.