شهيد جديد في صفوف رجال الواجب. عنوان صار يتكرر كثيراً، وهذا التكرار هو ما يحول المسألة بشكل «روتيني» وكأنها أمر اعتيادي للأسف، في حين أن الحقيقة تفرض كونه حدثاً جللاً ومصاباً أليماً يفرض اتخاذ إجراءات أكثر شدة وصرامة للتصدي لهؤلاء الإرهابيين.
ما يزيد الألم بأن العمل الإرهابي الأخير في قرية «كرانة» تسبب في إصابة عائلة، مدنيين، رجل وزوجته ورضيع، الأمر الذي يدق ناقوساً أكثر خطورة، بأن هؤلاء الإرهابيين لا يهمهم سقوط ضحايا من رجال الأمن أو المدنيين، المهم هو التفجير والدماء وإقلاق الأمن الوطني.
نحمد الله بأن أجهزة الأمن تبذل بشكل واضح قصارى جهودها في حفظ الأمن والنظام وحماية البشر، لكن رغم ذلك ندرك بأن من يريد الشر بالبلد وافتعال الأفعال الإجرامية المنكرة لن يعجز عن البحث عن ألف وسيلة ووسيلة وأن يستغل لا الدقائق بل الثواني لزرع قنبلة هنا أو رمي مولوتوفات هناك أو قطع شارع ما بالإطارات.
نريد أن يقطع دابر الإرهاب عن آخره، لكن هذا الأمر لن يتأتى له التحقق دون اتخاذ إجراءات صارمة تطال كل من له علاقة بالإضرار بالوطن.
ندرك أن نسبة غالبة من منفذي هذه العمليات الإجرامية شباب، بعضهم أصحاب أسبقيات، وهم كلهم أتباع بالتأكيد ومعتنقي فكر ومبدأ مناهض للحكم، وهي نفسها المبادئ والأفكار التي شُحن بها «دوار الانقلاب» في 2011، وغذته شعارات «باقون حتى إسقاط النظام» و«ارحلوا» وغيرها، شعارات لقت مباركة من جمعيات سياسية تقودها الوفاق التي لم تخلُ خطاباتها من حض على كراهية النظام، وجسدت فتوى مرجعهم من على المنبر الديني (اسحقوهم) بحق رجال الأمن ما يحصل اليوم من عمليات إرهابية وتفجيرات تستهدف قتل رجال الواجب.
وللعلم قبل الحادث الإرهابي الآثم في كرانة كان «تويتر» الوفاق يعج بتغريدات تستهدف رجال الأمن في البلد وتصفهم بـ «قامعو الحريات»!
وعليه، إن كنتم تريدون القضاء على هذا الإرهاب فابدؤوا من منابعه، ابدؤوا بوقف ومحاسبة رؤوس التحريض، ومن يقيم فعاليات مختلفة هدفها الضرب في النظام وخلق حالة كراهية للدولة في نفوس الأتباع ومنهم الشباب.
ابدؤوا بكشف المحرضين والمخططين والممولين، وهنا النتيجة لن تخرج عن فئة بعض المشتغلين بالسياسة بوجوه مكشوفة لكنهم يديرون الإرهاب في الخفاء ويجندون الشباب ويدفعونهم لتنفيذ هذه العمليات «القذرة» بدلاً عنهم، مثلما حصل في توقيف عنصر من جمعية انقلابية قبل أيام اتضح بأن له علاقة في تخطيط وتمويل العمليات الإرهابية.
هذا لا يكفي طبعاً، لكنه الأساس، إذ لتخمد حركة «الذيول» لابد وأن تقطع الرؤوس، ثم بعدها لابد من اتباع أساليب الدول المتقدمة في كافة ممارساتها المدنية والقضائية والديمقراطية، مثلما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا، إذ أي إرهابي ومجرم يقدم على ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية تسقط فوراً أية حقوق مدنية له، فقط يبقى له حق المحاكمة العادلة، لكنه لا يستحق بعدها ولا حق سواء في التعليم أوالإسكان أوالخدمات لأنه «عدو» للمجتمع والنظام والقانون، ومن سيتباكى عليه من منطلق الحقوق والإنسانية فهو إما مشارك معه، أو متعاطف معه لتشابه الهدف، وهنا لا حقوق تقبل لـ«مجرمين».
حينما يدرك المجرم أنه سيمضي بجريمته وأن هناك جهات ستدافع عنه وتطالب بأن تكون له حقوق رغم أنه ضرب بواجباته تجاه وطنه بعرض الحائط، وأن هناك مساحة للتخفيف والعفو، فإنه سيتمادى أكثر وأكثر، وما أطلقت جملة «من أمن العقوبة أساء الأدب جزافاً».
والعبرة هنا لمن يعتبر.