صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نقلت أخيراً عن مسؤولين أمريكيين أن «المفتش العام في «البنتاغون» بدأ تحقيقاً حول ادعاءات بتحريف قادة عسكريين للمعلومات الاستخباراتية من أجل تقديم رواية أكثر تفاؤلاً عن نتائج الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة «داعش» ليضاف انتقاد جديد إلى الانتقادات الموجهة لفعالية الحملة الدولية بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» في سوريا والعراق .
الصحيفة ذكرت أن «التحقيق انطلق بعد ورود بلاغ للسلطات من محلل في وكالة الاستخبارات الدفاعية بامتلاكه معلومات تثبت تحريف مسؤولين في القيادة المركزية، وهي المقر العام العسكري الذي يشرف على حملة القصف ومحاربة «تنظيم الدولة» لنتائج المعطيات الاستخباراتية التي تقدم للمسؤولين السياسيين بمن فيهم الرئيس باراك أوباما» .
المراقبون في كل مكان انتبهوا إلى أن الجنرال جون آلن مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص إلى الائتلاف الدولي لمحاربة «داعش» لم يتردد عن الإعلان عن تحقيق واشنطن تقدماً في المرحلة الأولى من استراتيجيتها الخاصة بالحد من قدرات هذا التنظيم والقضاء عليه، وزعم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن «داعش» خسر نصف قياداته في العراق والآلاف من مسلحيه ولم يعد قادراً على تنفيذ هجمات نوعية والمناورة بصورة فعالة.
إذن، مسؤولون أمريكيون يؤكدون أن الحملة المستمرة منذ سنة لم تحقق شيئاً يذكر في مجال تقليص عدد مسلحي التنظيم وأنه على العكس بدأ «داعش» بالتوسع في شمال أفريقيا وآسيا الوسطى بينما يدعي جون آلن بقتل الحلفاء لنصف قادة التنظيم وآلاف من جنوده في المرحلة الأولى فقط.
هذا التناقض مثير، فأن تقول إنك قد أوسعت خصمك ضرباً وطعنته ألف طعنة بكل أنواع السكاكين والسيوف وأطلقت عليه ألف رصاصة فهذا يعني أن الطبيعي هو أن خصمك قد هلك، لكن أن تقول ذلك والعالم كله يرى خصمك وهو «يتنطط» أمامه وأمامك، ويفعل كل ما يريد ويحقق تقدما فليس لهذا تفسير سوى أنك تكذب أو أن من تعتمد عليه في استقاء المعلومات يكذب عليك ويقدم لك تقارير مغشوشة.
واقع الحال يؤكد تقدم «داعش» في جل أو كل المواقع التي يحارب فيها، وأن هذا التنظيم المتطرف يثبت رايته السوداء كل يوم في مواقع جديدة. وواقع الحال يقول إن «داعش» لا يزال يمارس كل ما ظل يمارسه من أفعال منذ أن ظهر إلى السطح. والمنطق يقول إنه من غير الممكن أن يخسر هذا التنظيم كل هذا العدد الذي يتم الإعلان عنه يومياً في مختلف الساحات ويظل مستمراً في قوته وتحركه وتقدمه.
لا يمكن لعاقل أن يقبل فكرة أن المنتمين إلى «داعش» عدد لا نهائي أو أن قتلاهم يصحون من الموت، فكما أن واحد ناقص واحد يساوي صفر، لذا فإن من الطبيعي أن أعداد «داعش» تتناقص في حالة أن تكون تلك الأخبار والتقارير عن ضرب معاقله صحيحة، ولأن تلك الأخبار والتقارير تتحدث عن قادة وأعداد كبيرة لذا فإن المنطق يقول إن هذا التنظيم لا بد أنه يضعف يوماً في إثر يوم وإنه لن يكون موجوداً بعد فترة قصيرة من الآن.
ليست التقارير المرفوعة إلى أوباما عن عمليات الأمريكيين ضد «داعش» وحدها التي ينقصها الدقة والصدق، ولكن كثير من الأخبار التي تصدر عن كثير من الجهات والأفراد في هذا الخصوص للأسف كاذبة، وهي لو لم تكن كذلك لصار «داعش» في خبر كان من زمان.
كيف يكون محاربو «داعش» قد تقدموا وحققوا انتصارات وقتلوا كل هذه الأعداد التي يعلنون عنها يومياً و»داعش» لا يزال يسيطر على نصف سوريا ونصف العراق وينفذ الكثير من العمليات في العديد من الأماكن الأخرى ويتقدم؟! وكيف يزداد عدد عناصره في وقت تنتشر فيه الأخبار عن تكبده مئات القتلى يومياً؟!