الحق الخاص والعام لا يؤخذ في الشارع، ولا تؤمن تحققه التجمعات والبيانات والاستنكارات، بل يجعله أمراً واقعاً تطبيق القوانين من قبل الجهات المعنية.
وبالتالي هنا نستكمل ما قلناه بالأمس، ونضيف عليه افتتاحية «الوطن» للزميل رئيس التحرير يوسف البنخليل بشأن الوضع القضائي في البحرين فيما يرتبط به والتعاطي مع حالات الإجرام وعمليات الإرهاب ومع منفذيها والمحرضين عليها وكل من له ضلع فيها.
بداية القول نؤكد بما لا يقبل مجالاً للشك، وبما لا يدع فسحة لمن يريد التصيد في المياه الآسنة، نقول إن لدينا الثقة المطلقة في أجهزتنا القضائية، في المجلس الأعلى للقضاء وفي وزارة العدل وفي المحاكم والقضاة. لنا ثقة في السلطة القضائية ثالثة السلطات والتي كفلت لها الاستقلالية بما يخولها تحقيق العدالة باختلاف الأطراف المعنية وباختلاف الخصوم وبتنوع القضايا.
لكن الملاحظات لابد أن تورد، خاصة حينما نقارن وضع البحرين في شأن التعاطي مع قضايا الإرهاب والأحكام المثبتة على مرتكبيها، مع وضع دول أخرى متقدمة، ولعلنا ضربنا بريطانيا عديد الأمثلة، وأكثرها وقعاً كانت طريقة إدارة ملف أحداث شغب لندن، والدور المهم الذي لعبه القضاء هناك بنظر القضايا على مدار الساعة وإصدار الأحكام، وصحيح هنا أن «الظرف استثنائي» لكن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون برره بأن كل ما يتعلق بـ «أمن وسلامة بلاده وشعبها» يفرض التعامل معه بصورة استثنائية تكسر قواعد الروتين والجمود، لكنها تحرص على تحقيق العدالة.
ولذلك نكرر قول الزميل البنخليل بشأن المدة الزمنية التي تأخذها ليست عملية التقاضي وحدها، بل «الأهم» عملية تنفيذ الأحكام، خاصة فيمن أدينوا بتهم قتل بالتعمد في حق رجال الشرطة، إذ عدم تنفيذ أحكام خاصة المقرة بالإعدام إلى اليوم أمر يستوجب التساؤل بشأنه، خاصة أن القضايا نظرت، والمجرمون المدانون اعترفوا والشواهد والأدلة مثبتة وموجودة.
حادثة دهس الشرطي التي حصلت في وقت الفوضى في «دوار الانقلاب»، والمشاهد المروعة لعملية الدهس المتعمد التي شاهدها العالم من خلال الفيديو الذي انتشر، هذه الحادثة تم القبض على المتهمين فيها، والذين بدورهم أقروا بعملية القتل والتخطيط لها، وأدينوا بالإعدام، هذه القضية بالذات، كونها أول عملية اغتيال لشهيد من رجال الواجب وبطريقة بشعة ووحشية، لماذا تأخر تنفيذ الحكم فيها؟!
وكما قال رئيس التحرير، قضية الشهيد الشحي تنتظر تنفيذ الحكم، وقضايا أخرى معنية باستهداف رجال الشرطة بهدف القتل.
هي عملية فطرية لدى البشر، إذ من يقدم على ارتكاب فعل إجرامي بهذا المستوى كلما تأخر تنفيذ حكم الشرع فيه وأحكام القانون، كلما كان دافعاً لآخرين على ارتكاب نفس الفعل وتوقع عدم تنفيذ العقوبة المثبتة بشأن القتل العمل. وكلما كان التأخير في شأن تطبيق القوانين في قضايا أخرى، وتقادم الزمن، كلما عول المجرم على التخفيف وعلى التقليل من هول الفعل، وبالتالي طمح للخروج وكأنه لم يرتكب أية جريمة.
جرائم الإرهاب لابد أن تكون عقوباتها صارمة، وجرائم القتل العمد لا ينظر لها في مجتمع مسلم مؤمن بشرع الله وكتابه وسنة نبيه الكريم إلا من منظور القصاص العادل وإحقاق الحق. ولا يتوقع فيها إلا المسارعة بأخذ الحق ممن منح نفسه حق زهق أرواح الأبرياء.
نأمل أن تكون هناك مراجعة لسرعة وتيرة تنفيذ الأحكام، وقبلها إجراءات التقاضي، حتى لا تبرد دماء شهداء الواجب، وحتى لا يستغل من يستغل التقادم الزمني ليسعى لتخفيف أحكام القانون على المجرمين المعترفين بجرمهم.
وللأجهزة القضائية كل التقدير والاحترام.