حكمنا كمواطنين على وضعنا الأمني في البحرين يجب أن يقاس بشكل نسبي، بحيث لا تكون مرجعيتنا هو وضعنا الأمني سابقاً، أي قبل عشر سنوات مثلاً، ونقارنه بوضعنا الآن، بل مرجعيتنا القياسية للحكم عليها أن تكون واقعية وتقيس الأمور بما هو واقع وليس بما هو مفروض، وتضع في اعتبارها أن الإرهاب في البحرين جزء من مشروع شرق أوسطي لا بحريني فحسب.
كما إن نظرتنا للحلول ورغبتنا في إنهاء الإرهاب لا يجب أن تقف عند تطبيق الإعدامات كما يروج، فلا أحد يقلل من أهمية تطبيق العدالة وسرعة البت في الأحكام وتطبيقها على حفظ الأمن وردع من تسول له نفسه بالإخلال به وبالاستهانة بأمن وسلامة الوطن والناس، إنما تنفيذ الإعدامات لن ينهي الإرهاب كما نظن، وهذا ليس رفضاً لتنفيذ الأحكام أو تقليلاً من أهمية القصاص كرادع؛ إنما نحن نتعاطى مع مشروعي إيراني جندت له إيران عدداً كبيراً من «البهائم»، كما سماهم حسين أسدي مساعد قائد الحرس الثوري الإيراني، ومشروع شرق أوسطي البحرين ليست معزولة عنه وتتداخل به مشروعات لدول عظمى، وإن قبضنا على بعض البهائم التي استلبتها إيران عقولها وطبقنا عليهم القانون فستظل عملية توريد المزيد من البهائم مستمرة مازال للايرانيين مشروعهم الفارسي التوسعي، ومازال من بيننا كعرب بحرينيون يعتقدون ويؤمنون بعصمة الإمام خامنئي وولايته عليه فسيظل خامنئي قائداً وملهماً لهم يشير للنار فيرمي القطيع نفسه فيها، ويرى الشاب البحريني فيما قام به في كرانة أو في سترة جهاداً دينياً، ويعتقد جازماً أن مفتاح الجنة عند خامنئي وأن هذا الإيراني يقود حرباً مقدسة كربلائية جديدة، فإن قبض عليه وأعدم فهو شهيد سيشفع له خامنئي، وإيران لا يهمها عدد من سيموت من البحرينيين سواء مات إعداماً أو مات انفجاراً، وكما زجت بلبنانيين وسوريين ويمنيين ليموتوا في سبيل حلمها ستزج ببحرينيين وسعوديين وكويتيين آمنوا فعلاً أنه ولي فقيه وأنه لا يأتيه الباطل بين يديه.
مشروع تجريد إيران من سلاحها (الريفل) الذي تعيد تعبئته في كل مرة يشارف فيها على الانتهاء معركة طويلة الأجل، مشروع يحتاج منا إلى نفس طويل وصبر وتخطيط بعيد الأجل، لأن التشخيص لابد أن يكون شاملاً وكذلك هو الحل لابد أن يكون هو الآخر شاملاً أيضاً، وما سرعة البت في الأحكام وتنفيذها إلا جزء من هذا الحل لا أكثر ولا أقل، إنما قطع حبل الإمداد الفكري هو الأهم، لهذا فالصراخ الذي يعلو عند الناس بعد كل حادث إرهابي ويدعو إلى تنفيذ الأحكام -وهو محق في غضبه وفي شكواه- لا يجب أن يتوقع أن تنفيذ أحكام الإعدام سينهي الإرهاب، فعملية التعبئة ستستمر والإرهاب لن ينتهي بالبساطة التي يروج لها.
أما عن قياسنا وحكمنا على الوضع الأمني البحريني الحالي؛ فحين ننظر للبحرين قياساً بالمسافة التي قطعتها في خلق قاعدة بيانات وفي تعزيز قدرات قواتها الأمنية وفي تطبيق منظومة القوانين التي تحاصر منابع التحريض، نرى أن البحرين متقدمة كثيراً على دول خليجية بالكاد تفتح عينها هذه الأيام على ما هو مخزون تحت الأرض ومجهز ولم تر من الجبل سوى قمته.
في مقارنة البحرين بدول أعد لها مثلما أعد لنا وسقطت في الفخ وانزلقت، فإننا نرى أن البحرين نجت من الهاوية وقطعت شوطاً في استعادة أنفاسها وتتعامل مع فلول الإرهاب لا مع كرته التي كانت تتدحرج وتكبر حتى بلغت ذروتها عام 2011 وتلك أنت أخطر بكثير..
تصاعد نوعية العمليات الإرهابية في البحرين جزء من مشروع إيراني شامل لا يخص البحرين وحدها؛ فهي سلسلة مترابطة لمشروع واحد، وحين تتهاوى أحجار هذا المشروع في سوريا أو اليمن أو العراق فإن تصاعده متوقعاً في أمكنة أخرى.
تقييم الوضع الأمني في البحرين يجب أن يضع في اعتباره كل هذه المعطيات وعدم حصر الأمر محلياً فقط، كما إن (الولوله)، إن صح التعبير على حال البحرين، وتصوير الوضع الأمني فيها على أنه (دمار) أو (الديره راحت) أو بقية من تلك التعابير المحبطة، والتي لا ترى إلا موقع قدمها لا يخدم البحرين لا أمنياً ولا اقتصادياً ولا حتى معنوياً، والأهم أنه تقييم غير موضوعي وغير منطقي بتاتاً.